[ ص: 13 ] وممن قام بهذا الحق من علماء المسلمين :  الإمام   أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي   ، تغمده الله برحمته ، بعد المائتين ، فإن مولده سنة تسع وثلاثين ومائتين ، ووفاته سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة .  
فأخبر رحمه الله عما كان عليه السلف ، ونقل عن الإمام   أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي  ، وصاحبيه   أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الحميري الأنصاري ،   ومحمد بن الحسن الشيباني  رضي الله عنهم - ما كانوا يعتقدون من أصول الدين ، ويدينون به رب العالمين .  
وكلما بعد العهد ، ظهرت البدع ، وكثر التحريف الذي سماه أهله تأويلا ليقبل ، وقل من يهتدي إلى  الفرق بين التحريف والتأويل      . إذ قد يسمى صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ في الجملة تأويلا ، وإن لم يكن ثم قرينة توجب ذلك ، ومن هنا حصل الفساد . فإذا سموه تأويلا قبل وراج على من لا يهتدي إلى الفرق بينهما .  
 [ ص: 14 ] فاحتاج المؤمنون بعد ذلك إلى إيضاح الأدلة ، ودفع الشبه الواردة عليها ، وكثر الكلام والشغب ، وسبب ذلك إصغاؤهم إلى شبه المبطلين ، وخوضهم في الكلام المذموم ، الذي عابه السلف ، ونهوا عن النظر فيه والاشتغال به والإصغاء إليه ، امتثالا لأمر ربهم ، حيث قال :  وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره      ( الأنعام : 68 ) فإن معنى الآية يشملهم .  
وكل من التحريف والانحراف على مراتب : فقد يكون كفرا ، وقد يكون فسقا ، وقد يكون معصية ، وقد يكون خطأ . 
				
						
						
