الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [129] باب الزيارة يوم النحر.

                                                                                                                                                                                          قال أبو الزبير، عن عائشة، وابن عباس [رضي الله عنهم] : أخر النبي، صلى الله عليه وسلم، الزيارة إلى الليل.

                                                                                                                                                                                          ويذكر، عن أبي حسان، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] : "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت أيام منى".  

                                                                                                                                                                                          أما حديث أبي الزبير، فأخبرناه أبو هريرة بن الحافظ أبي عبد الله الذهبي، إجازة، أن أبا بكر محمد بن مشرق، أخبرهم: أنا الإمام تقي الدين بن محمد بن العز بن الحافظ، عن عين الشمس بنت التقي، سماعا، أن محمد بن علي الصالحاني، أخبرهم: أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، أنا أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا يزيد بن سنان البصري، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا سفيان، ثنا محمد بن طارق، عن طاوس ح وأبو الزبير، عن ابن عباس، وعائشة "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أخر طواف الزيارة إلى الليل".

                                                                                                                                                                                          وقال الإمام أحمد في مسنده: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان عن أبي الزبير، عن ابن عباس وعائشة "أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أخر الطواف يوم النحر إلى الليل".

                                                                                                                                                                                          [ ص: 99 ] رواه أبو داود والترمذي عن بندار، وعن ابن مهدي، به.

                                                                                                                                                                                          ورواه ابن ماجه من حديث يحيى القطان، عن الثوري، كذلك.

                                                                                                                                                                                          قال البخاري في موضع آخر: في سماع أبي الزبير، عن عائشة نظر.

                                                                                                                                                                                          قلت: وحديثه عنها في صحيح مسلم والسنن الأربعة، وأما سماعه من ابن عباس فثابت، والله أعلم. نعم ربما روي عنه بواسطة كما روى مسلم حديث التشهد من طريقه، عن سعيد بن جبير وغيره، عن ابن عباس . انتهى.

                                                                                                                                                                                          وقال أبو الحسن القطان: هذا الحديث -يعني المعلق- مخالف لما رواه ابن عمر وجابر وغيرهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، طاف يوم النحر نهارا، قلت: فكأن البخاري إنما عقب هذا بحديث ابن عباس الآتي بعد هذا "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت، أيام منى" ليحصل الجمع بذلك، فيحمل حديث ابن عمر وجابر على اليوم الأول ويحمل حديث ابن عباس على باقي الأيام. والله أعلم.

                                                                                                                                                                                          وأما حديث أبي حسان، فقرأت على أحمد بن بلغاق، بصالحية دمشق، أخبركم إسحاق بن يحيى الآمدي، إجازة إن لم يكن سماعا، أن يوسف بن خليل الحافظ، أخبره: أنا محمد بن أبي زيد الكراني، أنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أنا أبو الحسين بن فاذشاه، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا معاذ بن هشام، قال: وجدت في كتاب أبي عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى".

                                                                                                                                                                                          وقرأته على فاطمة بنت المنجا، بدمشق، عن سليمان بن حمزة، أن الحافظ أبا عبد الله بن عبد الواحد، أخبرهم في المختارة: أنا أبو جعفر الصيدلاني وفاطمة [ ص: 100 ] بنت سعد الخير، كلاهما عن فاطمة بنت عبد الله، سماعا أن محمد بن عبد الله التاجر، أخبرهم: أنا الطبراني مثله سواء.

                                                                                                                                                                                          وقال البيهقي في السنن الكبير: أنا أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا المعمري، ثنا ابن عرعرة، قال: دفع إلينا معاذ بن هشام، كتابا، وقال سمعته من أبي ولم يقرأه، قال: فكان فيه عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت كل ليلة ما دام بمنى"، قال: ما رأيت أحدا واطأه عليه. انتهى.

                                                                                                                                                                                          وقال الخطيب في التاريخ: أنا عثمان بن محمد بن يوسف العلاف، ثنا أبو بكر الشافعي، ثنا إسماعيل القاضي، ثنا علي بن المديني، قال: روى قتادة حديثا غريبا لا يحفظ عن أحد من أصحاب قتادة، إلا من حديث هشام، فنسخته من كتاب ابنه معاذ بن هشام، وهو حاضر، لم أسمعه منه، عن قتادة، فقال لي معاذ ، هاته حتى أقرأه. قلت: دعه اليوم. قال: ثنا أبو حسان، عن ابن عباس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت كل ليلة ما أقام بمنى" قال: "وما رأيت أحدا واطأه عليه".

                                                                                                                                                                                          قال علي بن المديني: هكذا هو في الكتاب.

                                                                                                                                                                                          قلت: وهذا الحديث أنكر أحمد أن يكون إبراهيم بن عرعرة سمعه من معاذ بن هشام فقال الأثرم: قلت: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: تحفظه، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزور البيت، كل ليلة؟ فقال: كتبوه من كتاب معاذ لم يسمعوه، قلت: هاهنا إنسان يزعم أنه قد سمعه من معاذ ، فأنكر ذلك. قال: من هو؟ قلت: إبراهيم بن عرعرة ، فتغير وجهه، ونفض يديه، وقال: كذب وزور. ما سمعوه منه. قال فلان، كتبناه من كتابه، سبحان [ ص: 101 ] الله، واستعظم ذلك منه.

                                                                                                                                                                                          قلت: والظاهر أنه لم يسمعه من معاذ كما في رواية أحمد بن عبيد الصفار، وكأنه كان يستجيز إطلاق "حدثنا" في المناولة من غير بيان، والله أعلم، وإنما مرضه البخاري لشدة غرابته.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية