الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1773 - حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا وهيب بن خالد ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تسعا لم يحج ، ثم أذن للناس في الحج ، وفيها ناس كثير يريدون الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 247 ] فخرج ، حتى إذا أتى ذا الحليفة ، ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر الصديق ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله ، فقال : اغتسلي واستثفري ، ثم أهلي ففعلت ، قال : فلما اطمأن صدر ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظاهر البيداء أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهللنا ، لا ننوي إلا الحج ، قال جابر : فنظرت مد بصري ومن ورائي وعن يميني وعن شمالي من الناس مشاة وركبانا ، فخرجنا لا نعرف إلا الحج ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " فانطلقنا لا نعرف إلا الحج ، له خرجنا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معنا ، والقرآن ينزل عليه ، وهو يعلم تأويله ، وإنما يعمل بما أمر به ، حتى قدمنا مكة ، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر فاستلمه ، ثم طاف سبعا ، رمل في ذلك ثلاثا ومشى أربعا ، ثم تلا هذه الآية : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، قال : صلى ركعتين - قال أبي : وكان يستحب أن يقرأ [ ص: 248 ] فيهما بالتوحيد ؛ قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ولم يذكر ذلك في حديث جابر ، ثم رجع إلى حديث جابر - قال : ثم أتى الركن فاستلمه ، قال : ثم خرج إلى الصفا ، قال : نبدأ بما بدأ الله به ، وقال : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، قال : فرقي على الصفا حتى بدا له البيت ، وكبر ثلاثا وقال : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير " ثم يدعو بين ذلك ، قال : ثم نزل فمشى ، حتى أتى بطن المسيل سعى حتى أصعد قدميه في المسيل ، ثم مشى حتى أتى المروة ، فصعد حتى بدا له البيت ، فكبر ثلاثا ، وقال : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له " هكذا كما فعل - يعني على الصفا - ثم نزل ، فقال : " من لم يكن معه الهدي فليحل وليجعلها عمرة ، فلو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ، لجعلتها عمرة " فأحلوا ، وقدم علي بن أبي طالب من اليمن ، فرأى الناس قد حلوا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " بأي شيء أهللت ؟ " قال : قلت : اللهم أهل بما أهل به رسولك ، قال : " فإن معي الهدي فلا تحل " قال : فدخل علي على فاطمة ، وقد اكتحلت ولبست ثيابا صبيغا ، فأنكر [ ص: 249 ] ذلك ؛ فقال : من أمرك بهذا ؟ فقالت : أمرني به أبي - فقال محمد بن علي : فكان علي يحدث بالعراق ، قال : ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة في الذي ذكرت ، فقال : " صدقت ، أنا أمرتها " قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا - فلما كان يوم النحر ، نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة ، ونحر علي ما غبر ، وكانت مائة بدنة ، فأخذ من كل بدنة قطعة ، فطبخ فأكل هو وعلي ، وشربا من المرقة ، وقال سراقة بن مالك بن جعشم : يا رسول الله ، ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : " لا ، بل للأبد ، دخلت العمرة في الحج " وشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه   .

التالي السابق


الخدمات العلمية