الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 27 ] أحاديث ابن عباس عن عمر ، رضي الله عنهما

23 - حدثنا يونس ، حدثنا أبو داود ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حنين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : أقبلنا مع عمر رضي الله عنه حتى انتهينا إلى مر الظهران ، فدخل عمر الأراك يقضي حاجته ، وقعدت له حتى خرج ، فقلت : يا أمير المؤمنين أريد أن أسألك عن حديث منذ سنة فمنعتني هيبتك أن أسألك ، فقال : لا تفعل ، إذا علمت أن عندي علما فسلني ، قال : قلت : أسألك عن حديث المرأتين ، قال : نعم ، حفصة وعائشة ، كنا في الجاهلية لا نعتد بالنساء ، ولا ندخلهن في شيء من أمورنا ، فلما جاء الله عز وجل بالإسلام وأنزلهن الله تعالى حيث أنزلهن ، وجعل لهن حقا من غير أن يدخلن في شيء من أمورنا ، فبينا أنا يوما جالس في بعض شأني إذ قالت لي امرأتي كذا وكذا ، فقلت : ما لك أنت ولهذا ؟ ومتى كنت تدخلين في أمورنا ؟ فقالت : يا ابن الخطاب ، ما يستطيع أحد أن يكلمك ، وابنتك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل غضبان ، فقلت : وإنها لتفعل ؟ قالت : نعم ، فقمت فدخلت على [ ص: 28 ] حفصة ، فقلت : يا حفصة ألا تتقين الله ، تكلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل غضبان ، ويحك لا تغترين بحسن عائشة وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها ، ثم أتيت أم سلمة أيضا فقلت لها مثل ذلك ، فقالت : لقد دخلت يا ابن الخطاب في كل شيء حتى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نسائه ، وكان لي صاحب من الأنصار يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غبت ، وأحضره إذا غاب ، ويخبرني وأخبره ، ولم يكن أحد أخوف عندنا أن يغزونا من ملك من ملوك غسان ، فلما هدأ الله الأمر عنا ، فبينا أنا ذات يوم جالس في بعض أمري إذ جاء صاحبي فقال : أبا حفص أبا حفص مرتين ، فقلت : ويلك ما لك ، أجاء الغساني ؟ أجاء الغساني ؟ قال : لا ، ولكن طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، فقلت : رغم أنف حفصة ، رغم أنف حفصة ، وانتعلت ، وأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا في كل بيت بكاء ، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة ، وإذا على الباب غلام أسود ، فقلت : استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذن ، فأذن لي ، فإذا هو نائم على حصير ، تحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ، وإذا قرظ وأهب معلقة ، فأنشأت أخبره بما قلت لحفصة وأم سلمة وكان آلى من نسائه [ ص: 29 ] شهرا ، فلما كان ليلة تسع وعشرين نزل إليهن   " .

التالي السابق


الخدمات العلمية