قوله: وأنفقوا في سبيل الله كل ما أمر الله به من الخير فهو في سبيل الله وأكثر ما يستعمل في الجهاد ؛ لأنه السبيل الذي يقاتل فيه.
قوله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة الباء في بأيديكم: زائدة، يقال لكل من أخذ في عمل: قد ألقى يديه إليه وفيه.
ومنه قول لبيد:
حتى إذا ألقت يدا في كافر
يعني: الشمس إذا بدأت في المغيب.
و "التهلكة": الهلاك، يقال: هلك يهلك هلاكا وهلكا وهلكا وتهلكة.
ومعنى الهلاك: الضياع، وهو مصير الشيء بحيث لا يدرى أين هو، والمعنى: ولا تقربوا مما يهلككم ؛ لأن من ألقى يده إلى الشيء فقد قرب منه.
وهذا مبالغة في الزجر، وتأكيد في النهي، وكأنه المعنى: لا تقربوا من ترك الإنفاق في سبيل الله، أي: لا تمسكوا ولا تبخلوا، وهذا نهي عن ترك النفقة في الجهاد.
[ ص: 294 ] قال ابن عباس: أنفق في سبيل الله وإن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص، ولا يقولن أحدكم: لا أجد شيئا.
وقال السدي: أنفق في سبيل الله ولو عقالا، ولا تقل ليس عندي شيء.
قال الزجاج: معناه: إنكم إن لم تنفقوا في سبيل الله هلكتم بالمعصية، وجائز أن يكون: هلكتم بتقوي عدوكم عليكم.
وقال أبو أيوب الأنصاري: إنها نزلت فينا معشر الأنصار لما أعز الله دينه ونصر رسوله، قلنا: لو أقمنا في أموالنا، فأصلحنا ما ضاع منها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وعلى هذا، معنى الآية: لا تتركوا الجهاد فتهلكوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين قال ابن عباس: أحسنوا الظن بالله، فإنه يضاعف الثواب، ويخلف لكم النفقة.
وعلى قول أبي أيوب، معنى وأحسنوا: أي: جاهدوا في سبيل الله، والمجاهد: محسن.


