الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلما عاينوا البعث ذكروا قول الرسل في الدنيا إن البعث حق  فدعوا بالويل: وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين  هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون  احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون  من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم  وقفوهم إنهم مسئولون  ما لكم لا تناصرون  بل هم اليوم مستسلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا يا ويلنا من العذاب، هذا يوم الدين الحساب الجزاء، نجازى فيه ما عملنا، فقالت الملائكة: هذا يوم الفصل يوم القضاء، الذي كنتم به تكذبون يفصل فيه بين المحسن والمسيء، ويقال في ذلك اليوم: احشروا الذين ظلموا اجمعوهم من حيث بعثوا إلى الموقف والحساب، والمراد بالذين ظلموا الذين أشركوا من بني آدم، وقوله: وأزواجهم قال الحسن : يعني المشركات، كأنه قال: احشروا المشركين والمشركات، وقال جماعة المفسرين: أشباههم وأمثالهم، وأتباعهم ونظراءهم وضرباءهم، وعلى هذا القول يحمل الذين ظلموا على القادة والرؤساء وأزواجهم أتباعهم، وما كانوا يعبدون من دون الله يعني: الأوثان والطواغيت، وقال مقاتل : يعني إبليس وجنده، واحتج بقوله: أن لا تعبدوا الشيطان .

                                                                                                                                                                                                                                      فاهدوهم إلى صراط الجحيم دلوهم عليها، أي: اذهبوا بهم إلى الجحيم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 524 ] قوله: وقفوهم قال المفسرون: لما سيقوا إلى النار حبسوا عند الصراط؛ لأن السؤال عند الصراط، فقيل: وقفوهم إنهم مسئولون قال ابن عباس : عن أعمالهم في الدنيا وأقاويلهم، وقال مقاتل : سألتهم خزنة جهنم ألم يأتكم نذير ، ألم يأتكم رسل منكم ؟ ويجوز أن يكون هذا السؤال ما ذكر بعد، وهو قوله: ما لكم لا تناصرون أي أنهم يسألون توبيخا لهم، فيقال: ما لكم لا تتناصرون؟ لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا؟ وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر: نحن جميع منتصر. فقيل لهم ذلك: ما لكم غير متناصرين؟ قال الله تعالى: بل هم اليوم مستسلمون يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية