فلما عاينوا البعث ذكروا قول الرسل في الدنيا إن فدعوا بالويل: البعث حق وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون
وقالوا يا ويلنا من العذاب، هذا يوم الدين الحساب الجزاء، نجازى فيه ما عملنا، فقالت الملائكة: هذا يوم الفصل يوم القضاء، الذي كنتم به تكذبون يفصل فيه بين المحسن والمسيء، ويقال في ذلك اليوم: احشروا الذين ظلموا اجمعوهم من حيث بعثوا إلى الموقف والحساب، والمراد بالذين ظلموا الذين أشركوا من بني آدم، وقوله: وأزواجهم قال : يعني المشركات، كأنه قال: احشروا المشركين والمشركات، وقال جماعة المفسرين: أشباههم وأمثالهم، وأتباعهم ونظراءهم وضرباءهم، وعلى هذا القول يحمل الذين ظلموا على القادة والرؤساء وأزواجهم أتباعهم، الحسن وما كانوا يعبدون من دون الله يعني: الأوثان والطواغيت، وقال : يعني إبليس وجنده، واحتج بقوله: مقاتل أن لا تعبدوا الشيطان .
فاهدوهم إلى صراط الجحيم دلوهم عليها، أي: اذهبوا بهم إلى الجحيم.
[ ص: 524 ] قوله: وقفوهم قال المفسرون: لما سيقوا إلى النار حبسوا عند الصراط؛ لأن السؤال عند الصراط، فقيل: وقفوهم إنهم مسئولون قال : عن أعمالهم في الدنيا وأقاويلهم، وقال ابن عباس : سألتهم خزنة جهنم مقاتل ألم يأتكم نذير ، ألم يأتكم رسل منكم ؟ ويجوز أن يكون هذا السؤال ما ذكر بعد، وهو قوله: ما لكم لا تناصرون أي أنهم يسألون توبيخا لهم، فيقال: ما لكم لا تتناصرون؟ لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا؟ وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر: نحن جميع منتصر. فقيل لهم ذلك: ما لكم غير متناصرين؟ قال الله تعالى: بل هم اليوم مستسلمون يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.