وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين
وأقبل بعضهم على بعض يعني: الرؤساء والأتباع، يتساءلون توبيخ وتأنيب، يقول الأتباع للرؤساء: لم غررتمونا؟ ويقولون لهم: لم قبلتم منا؟ وهو قوله: إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أي: من قبل الحق والدين والطاعة، فتضلوننا عنها. قال : كنتم تأتوننا من قبل الدين، فتروننا أن الدين الحق ما تضلوننا به. واليمين عبارة عن الحق، وهذا كقوله إخبارا عن إبليس: الزجاج ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم فمن أتاه الشيطان من جهة اليمين فقد أتاه من قبل الدين، فليس عليه الحق، وقال بعض أهل المعاني: إن الرؤساء كانوا قد جعلوا لهؤلاء أن ما يدعونهم إليه هو الحق، فوقفوا بأيمانهم، فمعنى قوله: تأتوننا عن اليمين، أي: من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها، فتفتنون بها، والمفسرون على القول الأول، فقال لهم الرؤساء: بل لم تكونوا مؤمنين لم تكونوا على الحق فنضلكم عنه، أي: إنما الكفر من قبلكم.
وما كان لنا عليكم من سلطان من قدرة وقوة فتقهركم ونكرهكم على متابعتنا، بل كنتم قوما طاغين ضالين.
فحق علينا فوجب علينا جميعا، قول ربنا يعني كلمة العذاب، وهو قوله: لأملأن جهنم الآية، إنا لذائقون العذاب الأليم، قال : أي إن المضل والضال في النار. الزجاج
فأغويناكم أضللناكم عن الهدى، ودعوناكم إلى ما كنا عليه، وهو قوله: إنا كنا غاوين .
يقول الله: فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون الرؤساء والذين أطاعوهم.
إنا كذلك نفعل بالمجرمين قال : الذين جعلوا لله شركاء. ابن عباس
إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون يتكبرون عن الهدى وتوحيد [ ص: 525 ] الله.
ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا أنترك عبادتها، لشاعر مجنون يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، فرد الله عليهم بقوله: بل أي: ليس الأمر ما على ما قالوه، جاء محمد ، بالحق بالقرآن والتوحيد، وصدق المرسلين الذين كانوا قبله، أي: إنما أتى بما أتى به من قبله من الرسل.