أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون
قوله: أذلك الذي ذكره، خير نزلا قال : أذلك خير في باب الأنزال التي يتقوت بها، أم نزل أهل النار؟ وهو قوله: الزجاج أم شجرة الزقوم وهو ما يكره تناوله، والذي أراد الله هو شيء مر كريه يكره تناوله، وأهل النار يكرهون على تناوله، فهم يتزقمونه على أشد كراهة، قال : لما ذكر الله هذه الشجرة بها الظلمة، فقالوا: كيف تكون في النار شجرة والنار تأكلها؟ فأنزل الله: قتادة إنا جعلناها فتنة للظالمين .
قال : خبره لهم افتتنوا بها وكذبوا بكونها. الزجاج
إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم قال : أصلها في قعر جهنم، وأعضاؤها ترفع إلى دركاتها. "طلعها" ثمرها، الحسن كأنه رءوس الشياطين لقبحه، والشيء إذا استقبح شبه بها، فيقال: كأنه شيطان. والشياطين موصوفة بالقبح وإن كانت لا ترى،
فإنهم لآكلون منها أي: ثمرها، فمالئون منها البطون وذلك أنهم يكرهون على أكلها حتى تمتلئ بطونهم.
ثم إن لهم عليها لشوبا لخلطا ومزاجا، من حميم يعني أنهم إذا أكلوا الزقوم شربوا عليها الحميم، وهو الماء الحار، فيشوب الحميم في بطونهم الزقوم، فيصير شوبا.
ثم إن مرجعهم بعد شرب الحميم وأكل الزقوم، لإلى الجحيم؛ وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه وهو خارج من الجحيم، [ ص: 527 ] كما تورد الإبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم، ويدل على صحة ما ذكرنا قوله: يطوفون بينها وبين حميم آن .
إنهم ألفوا وجدوا، آباءهم ضالين عن الهدى. فهم على آثارهم يهرعون يسعون في مثل أعمال آبائهم، قال : يعملون مثل عملهم، وقال الكلبي ، ابن عباس : يسرعون، قال وقتادة : يتبعون آباءهم اتباعا في سرعة كأنهم يزعجون إلى اتباع آبائهم يقال: هرع الرجل وأهرع إذا استحث فأسرع. الزجاج