من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا
قوله جل جلاله : من الذين هادوا يحرفون الكلم أي : قوم أو فريق يحرفون الكلم ، وهو جمع الكلمة .
قال الكلبي ، هم اليهود يغيرون صفة ومقاتل : محمد صلى الله عليه وسلم وزمانه ونبوته في كتابهم ، ويقولون سمعنا : قولك ، وعصينا : أمرك ، واسمع غير مسمع كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : اسمع ، ويقولون في أنفسهم : لا سمعت .
وقوله : وراعنا ذكرنا في سورة البقرة : أن هذا كان سبا بلغتهم ، ومعنى ليا بألسنتهم أي : قلبا للكلام بها ، وهو أنهم كانوا يحرفون راعنا عن طريق المراعاة إلى السب بالرعونة .
ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا مكان قولهم سمعنا وعصينا ، واسمع وانظرنا : بدل راعنا ، لكان خيرا لهم عند الله ، وأقوم أي : أعدل وأصوب ولكن لعنهم الله أي : أبعدهم الله عن رحمته مجازاة لهم ، بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا يعني بالقليل عبد الله بن سلام وأصحابه .
وقال : القليل قولهم : الله ربنا ، والجنة حق ، والنار حق ، فهذا قليل من إيمانهم . السدي
قال : والتقدير على هذا القول : فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا لا يجب أن يسموا مؤمنين . الزجاج
[ ص: 62 ]