يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا
قوله عز وجل : يا أيها الذين أوتوا الكتاب يخاطب اليهود ، آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم يعني القرآن من قبل أن نطمس وجوها .
الطمس المحو ، يقال : طمسته تطمس ، أي : درس .
قال : نجعلها كخف البعير ، أو كحافر الفرس ، على معنى : نمحو ما فيها من عين وفم وأنف وحاجب . ابن عباس
فنردها على أدبارها قال : نحول وجوههم قبل ظهورهم . قتادة
يقال : لما نزلت هذه الآية أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي أهله وأسلم ، وقال : يا رسول الله ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي . عبد الله بن سلام
وقال النخعي : أقبل كعب من اليمن يحج بيت المقدس ، فذهب إليه ، فبينا هو فيه سمع رجلا من المهاجرين [ ص: 63 ] يقرأ في جوف الليل هذه الآية ، فأتى عمر رضي الله عنه فأسلم .
ويروى أن عمر قرأ هذه الآية عليه ، فقال كعب : يا رب آمنت ، يا رب أسلمت .
مخافة أن يصيبه هذا الوعيد .
وقوله : أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت أي : نمسخهم قردة ، كما فعلنا بأوائلهم ، وكان أمر الله مفعولا قال : لا راد لحكمه ، ولا ناقض لأمره . ابن عباس
قوله عز وجل : إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية ، هذه الآية دليل قاطع في مسألتين كبيرتين من الأصول : إحداهما : أن لم يخلده الله في النار ، وإنما يخلد المشرك في النار دون المسلم . من ارتكب الكبائر من المسلمين إذا مات على الإيمان
والثانية : أن فيعفو عمن يشاء ، ويغفر لمن يشاء ، لا حجر عليه في شيء من ذلك ، ولا حكم عليه لأحد ، تكذيبا للقدرية حيث قالوا : لا يجوز أن يغفر الكبيرة ويعفو عن المعاصي . الله تعالى وعد المغفرة لما دون الشرك ،