قوله عز وجل : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها أجمع المفسرون على أن الآية نازلة في شأن مفتاح الكعبة ، وذلك مكة طلب المفتاح ، فقيل : إنه مع عثمان بن طلحة الحجبي ، وكان من بني عبد الدار وكان يلي سدانة الكعبة ، فوجه إليه عليا رضي الله عنه فأبى دفعه إليه ، وقال : لو [ ص: 70 ] علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح .
فلوى علي يده ، وأخذه منه قسرا حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه فلما خرج قال له العباس : بأبي أنت اجمع لي السدانة مع السقاية ، وسأله أن يعطيه المفتاح ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا برده إليه ، فرده إليه علي وألطف في القول ، فقال : أخذته مني قهرا ورددته علي باللطف ، قال : لأن الله تعالى أمرنا برده إليك ، وقرأ عليه الآية ، فأتى للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأسلم ، ثم إنه هاجر ودفع المفتاح إلى أخيه شيبة فهو في ولده إلى اليوم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح
أخبرنا أخبرنا أبو حسان المزكي ، هارون بن محمد الإستراباذي ، حدثنا أبو محمد الخزاعي ، حدثنا أبو الوليد الأزرقي ، حدثنا جدي ، عن عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، في هذه الآية قال : مجاهد قبض النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل الكعبة يوم الفتح ، فخرج وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح وقال : "خذوها يا بني طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم " عثمان بن طلحة : نزلت في قال : هذه الآية عامة في كل أمانة ، ابن عباس تؤدى الأمانة إلى البر والفاجر ، والرحم توصل برة كانت أو فاجرة .
وقال ابن عمر ، الفرج أمانة ، والبصر أمانة ، والأمانة في كل شيء ، في الوضوء والصلاة ، والزكاة ، والجنابة ، والصوم ، وفي الكيل والوزن ، وأعظم من ذلك الودائع ، ولا إيمان لمن لا أمانة له . وابن مسعود :
والأمانة مصدر سمي به المفعول ، ولذلك جمع أمانات لأنه أخلص اسما ، قال الشاعر :
فأخلفن ميعادي وخن أمانتي وليس لمن خان الأمانة دين
[ ص: 71 ] .أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر النحوي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدثنا وهب ، حدثنا خالد ، عن حسين ، عن عن عكرمة ، ، ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "يا أيها الناس إنه لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " وقوله : إن الله نعما يعظكم به أي : نعم شيئا يعظكم به الله ، يعني : أداء الأمانة ، والحكم بالعدل ، إن الله كان سميعا لما تقولون في الأمانة والحكم ، بصيرا : بما تعملون فيهما .