أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل، أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسين هارون، حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان، وحدثنا أبي، حدثنا نصر بن مزاحم، عن محمد بن عبيد الله، عن بسم الله الرحمن الرحيم أبي إسحاق الشيباني: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون
الحمد لله قال يريد: على كل فعال، وبكل لسان، وعلى نعم الإسلام، وعلى صحة الأبدان. ابن عباس:
وقوله: الذي خلق السماوات والأرض قال ذكر أعظم الأشياء المخلوقة; لأن السماء بغير عمد ترونها، والأرض غير مائدة بنا، الزجاج: وجعل الظلمات والنور جعل هاهنا: بمعنى خلق، كقوله: وجعلنا من الماء كل شيء حي ، وقال أراد بالظلمات: الكفر، والنور: الإيمان، وقال الحسن: يعني: الليل والنهار. السدي:
وقوله: ثم الذين كفروا يعني عبدة الأوثان بربهم يعدلون قال يشركون به غيره. مجاهد:
يقال: عدل الكافر بربه عدلا وعدولا، إذا سوى به غيره فعبده، والعدل: التسوية، عدل الشيء بالشيء إذا سواه به.
[ ص: 252 ] قال أعلم الله تعالى أنه خالق ما ذكر في هذه الآية، وأن خالقها لا شيء مثله، ثم أعلم أن الكفار يجعلون له عدلا فيعبدون الحجارة والموات. الزجاج:
قوله: هو الذي خلقكم من طين قال يعني: ابن عباس: آدم، والخلق من نسله، ثم قضى أجلا يعني: أجل الحياة إلى الموت وأجل مسمى عنده يعني: أجل الموت إلى البعث وقيام الساعة.
وهذا قول ابن عباس، والحسن، وسعيد بن المسيب، وقتادة، والضحاك، ومقاتل.
قال ابن عباس: وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب . إن الله تعالى قضى لكل نفس أجلين، من مولده إلى موته ومن موته إلى مبعثه، فإذا كان الرجل صالحا واصلا لرحمه زاد الله له في أجل الحياة من أجل الممات إلى البعث، وإذا كان غير صالح ولا واصل لرحمه نقصه الله من أجل الحياة وزاد في أجل البعث، وذلك قوله:
ثم أنتم يا معشر المشركين بعد هذا البيان تمترون تشكون وتكذبون بالبعث.
قوله: وهو الله في السماوات وفي الأرض قال الزجاج، هو المعبود في السماوات والأرض، كما تقول: هو الخليفة في الشرق والغرب. وابن الأنباري:
يعلم سركم : ما تسرون مما لا يطلع عليه غيركم، وجهركم : ما تجهرون به وتعلنونه، ويعلم ما تكسبون معنى الكسب: الفعل لاجتلاب نفع أو دفع ضر، ولهذا لا يوصف فعل الله سبحانه بأنه كسب.