وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم
وقالوا يعني: رؤساء قريش: لولا: هلا نزل عليه آية من ربه يعنون نزول ملك يشهد بالنبوة، قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ما عليهم في الآية من البلاء في إنزالها.
قوله: وما من دابة في الأرض قال يريد: كل ما دب على الأرض وجميع البهائم. ابن عباس:
وقال جميع ما خلق الله في الأرض من حيوان لا يخلو إما أن يدب وإما أن يطير، وهو قوله: الزجاج: ولا طائر يطير بجناحيه وذكر الجناح تأكيد، كقولك: نعجة أنثى، وكلمته بفمي، ومشيت برجلي.
وقوله: إلا أمم أمثالكم قال أصناف مصنفة تعرف بأسمائها. مجاهد:
يريد: أن كل جنس من الحيوان أمة تعرف باسمها، كالطير والظباء والذئاب والأسود مثل بني آدم يعرفون بالإنس والناس.
وقال يعني أمثالكم في أنهم يبعثون; لأنه قال: الزجاج: والموتى يبعثهم الله ، ثم أعلم أنه ما من دابة ولا طائر إلا أمثالكم في الخلق والموت والبعث.
[ ص: 268 ] يدل على صحة هذا التأويل ما.
أخبرنا أبو القاسم بن عبدان، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضبي، أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، أخبرنا أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن في قوله عز وجل: أبي هريرة، أمم أمثالكم قال: يحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا، فذلك حين يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا وقال القتيبي: يريد: أنهما مثلنا في طلب الغذاء وابتغاء الرزق وتوقي المهالك.
وقوله: ما فرطنا في الكتاب من شيء قال في رواية ابن عباس ما تركنا من شيء إلا وقد بيناه لكم. عطاء:
وهذا من العام الذي أريد به الخاص; لأن المعنى: ما فرطنا في الكتاب من شيء بالعباد إليه حاجة إلا وقد بيناه، إما نصا، وإما دلالة، وإما مجملا، وإما مفصلا، كقوله: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء أي: لكل شيء يحتاج إليه في أمر الدين.
وقال في رواية ما تركنا شيئا إلا وقد كتبناه في أم الكتاب. الوالبي:
وعلى هذا القول: المراد ب الكتاب: اللوح المحفوظ المشتمل على ما كان ويكون، كما روي في الخبر: "جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة" .
[ ص: 269 ] وقوله: ثم إلى ربهم يحشرون أي: مع الخلق إلى الموقف للحساب والجزاء كما روينا عن أبي هريرة.
وقد قال الله تعالى: وإذا الوحوش حشرت .
قوله: والذين كذبوا بآياتنا يعني: بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم صم: عن القرآن لا يسمعونه، وبكم: عن القرآن لا ينطقون به، في الظلمات يعني: ظلمات الشرك والكفر.
ثم أخبر أنهم صاروا كذلك بمشيئة الله تعالى، فقال: من يشإ الله يضلله الآية.