ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم
قوله: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض الآية:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا محمد بن حماد، نا عن أبو معاوية، عن الأعمش، عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: يا رسول الله انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم نارا، وقال العباس: قطعت رحمك، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم ثم دخل، عبد الله بن رواحة: فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله، ثم خرج عليهم، فقال: " إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: لما كان يوم بدر وجيء بالأسرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ " فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأصلك فاستبقهم واستأن بهم، لعل الله يتوب عليهم، وقال عمر: كذبوه وأخرجوه بدمهم فاضرب أعناقهم، وقال فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى، قال: ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم الآية، ومثلك يا عمر كمثل نوح، قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم عالة، أنتم اليوم عالة، فلا يمتلكن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق، فأنزل الله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض إلى آخر الآيات الثلاث.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، نا حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، أبي، نا نا أبو نوح قراد، نا عكرمة بن عمار، سماك الحنفي أبو زميل، حدثني حدثني ابن عباس، قال: عمر بن الخطاب، ما كان لنبي أن يكون له أسرى إلى قوله لولا كتاب من الله سبق لما كان يوم بدر استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر، فقال أبو بكر: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ترى يا ابن الخطاب؟ " قال: قلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب [ ص: 472 ] عنقه حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر، فأخذ منهم الفداء فلما كان من الغد قال عمر بن الخطاب: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق، وإذا هما يبكيان فقلت: يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبكي للذي عرض على أصحابك من الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة، وأنزل الله .
رواه عن مسلم، عن هناد بن السري، عن ابن المبارك، قال المفسرون: يقول: ما كان لنبي أن يحبس كافرا قدر عليه من عبدة الأوثان للفداء وللمن قبل الإثخان في الأرض. عكرمة
قال كان هذا يوم بدر، فاداهم رسول الله بأربعة آلاف، ولعمري، ما كان أثخن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، وكان أول قتال قاتل المشركين، ومعنى: قتادة: يثخن في الأرض قال يبالغ في قتل أعدائه. الزجاج:
وقال الفراء: حتى يغلب على كثير من الأرض.
وقال ابن الأعرابي: أثخن إذا غلب وقهر.
تريدون عرض الدنيا تريدون الفداء، والله يريد الآخرة قال يريد لكم الجنة. ابن عباس:
لولا كتاب من الله سبق أن الغنائم لك ولأمتك حلال، لمسكم فيما أخذتم من الفداء، عذاب عظيم.
هذا قول سعيد بن جبير، ورواية وقتادة، الوالبي، وأبي الجوزاء عن وقال ابن عباس، إنهم أخذوا الفداء قبل أن يؤمروا به فعاب الله ذلك عليهم. الحسن:
وقال محمد بن إسحاق: لولا كتاب من الله سبق أني لا أعذب إلا بعد النهي، ولم يكن نهاهم، لعذبتكم.
وهذا قول ابن مسعود، وقال ومجاهد، ابن زيد، وجماعة: سبق من الله العفو عنهم وألا يعذب أحدا منهم شهد بدرا، ولم يكن أحد من المؤمنين ممن حضر إلا أحب الغنائم غير عمر جعل لا يلقى أسيرا إلا ضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو عذبنا في هذا الأمر ما نجا غير عمر " .
[ ص: 473 ] وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس: " لو نزل عذاب ما سلم منه إلا عمر " .
وقال مجاهد: لعمر: " كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء " قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما نزل هذا أمسكوا أيديهم عن الغنائم، فنزل قوله: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم قال غفر لكم ما أخذتم من الفداء، ورحمكم لأنكم أولياؤه. ابن عباس: