وقوله تعالى: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية قال المفسرون: إن بني إسرائيل لما خرجوا من [ ص: 143 ] التيه قال الله لهم: ادخلوا هذه القرية .
قال : هي ابن عباس أريحا .
وقال ، قتادة ، والسدي والربيع : هي بيت المقدس ، واشتقاق القرية من قريت، أي: جمعت، والمقرأة: الحوض يجمع فيه الماء، ويقال لبيت النمل: قرية، لأنه يجمع النمل، فالقرية تجمع أهلها.
وقوله: (وادخلوا الباب) يعني بابا من أبوابها، سجدا قال : ركعا، وهو شدة الانحناء، والمعنى: منحنين متواضعين. ابن عباس
قال : هو باب حطة من بيت المقدس، طوطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يخفضوا، ودخلوا متزحفين على استاههم. مجاهد
وقوله: وقولوا حطة هي فعلة من الحط، وهو وضع الشيء من أعلى إلى أسفل، يقال: حط الحمل عن الدابة، والسيل يحط الحجر عن الجبل.
وقال امرؤ القيس :
كجلمود صخر حطه السيل من عل
فالحطة من الحط، مثل الردة من الرد، ويجوز أن يكون اسما، ويجوز أن يكون مصدرا.
[ ص: 144 ] وقال ، في رواية ابن عباس ، في قوله تعالى: (وقولوا حطة) أي: مغفرة، فقالوا: حنطة. وقال سعيد بن جبير : إنهم أصابوا خطيئة بإبائهم على مقاتل موسى دخول الأرض التي فيها الجبارون، فأراد الله أن يغفرها لهم فقيل لهم: قولوا حطة.
وقال : معناه: قولوا مسألتنا حطة، أي: حط ذنوبنا عنا. الزجاج
وقوله تعالى: نغفر لكم خطاياكم أصل الغفر: الستر والتغطية، وغفر الله ذنوبه، أي: سترها، وكل شيء سترته فقد غفرته، والمغفر: يكون تحت بيضة الحديد يغفر الرأس.
وأجمع القراء على إظهار الراء عند اللام، إلا ما روي عن من إدغامه الراء عند اللام. أبي عمرو
قال : وهو خطأ فاحش، وأحسب الذين رووا ذلك عن الزجاج غالطين، ولا يدغم الراء في اللام؛ لأن الراء حرف مكرر، ولا يدغم الزائد في الناقص، فلو أدغمت الراء في اللام لذهب التكرير من الراء، وهذا إجماع النحويين. أبي عمرو
والخطايا جمع خطيئة، وهي الذنب على عمد، قال أبو الهيثم : يقال: خطئ: لما صنعه عمدا وهو الذنب، وأخطأ: لما صنعه خطأ غير عمد.
وقوله: (وسنزيد المحسنين) أي: الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحسانا وثوابا.
قوله تعالى: فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم التبديل: التغيير إلى بدل، والمعنى: أنهم غيروا تلك الكلمات التي أمروا بها وقالوا بدل حطة: حنطة، وهذا قول وجميع المفسرين. ابن عباس
وقال : جملة ما قالوه أنه أمر عظيم سماهم الله به فاسقين. الزجاج
[ ص: 145 ] وقوله تعالى: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء الرجز: العذاب، قال تعالى: لئن كشفت عنا الرجز أي: العذاب، ثم سمي كيد الشيطان رجزا لأنه سبب العذاب، قال الله تعالى: ويذهب عنكم رجز الشيطان ، وقال: والرجز فاهجر قيل: أراد به: عبادة الأوثان؛ لأنه سبب العذاب.
قال : أرسل الله تعالى عليهم ظلمة وطاعونا، فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفا عقوبة لهم بتبديلهم ما أمروا به. الضحاك