الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا  وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 193 ] وإذا تتلى عليهم يعني: على المشركين، آياتنا بينات يريد القرآن، قال الذين كفروا مشركو قريش للذين آمنوا لفقراء المؤمنين، أي الفريقين أنحن أم أنتم، خير مقاما وقرئ مقاما بضم الميم، وهما المنزل والمسكن، وأحسن نديا الندي والنادي: مجلس القوم ومجتمعهم، ومنه قوله: وتأتون في ناديكم المنكر والمعنى: إن المشركين قالوا للفقراء المؤمنين: أنحن أم أنتم أعظم شأنا وأعز مجلسا؟ افتخروا عليهم بمساكنهم ومجالسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال الله تعالى: وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا الأثاث المال أجمع الإبل والغنم والعبيد والمتاع، قال ابن عباس ، والسدي : الأثاث المال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة : أحسن أثاثا أكثر أموالا.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : الأثاث اللباس.

                                                                                                                                                                                                                                      والرئي: المنظر، فعل من رأيت، والمصدر الرأي والرؤية، كالطحن والرعي، والمفسرون يقولون: الرأي: المنظر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : الصور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ ريا بغير همز.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج : وله تفسيران: أحدهما أن الأول بطرح الهمز، الثاني أنه من الري الذي هو ضد العطن.

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد به أن منظرهم مرتو من النعمة، كأن النعيم بين فيهم; لأن الري يتبعه الطراوة كما أن العطش يتبعه الذبول، والمعنى: إن الله قد أهلك قبلهم أقواما كانوا أكثر متاعا وأحسن منظرا  فأهلك أموالهم، وأفسد عليهم جوهم، فليخافوا نقمة الله بالإهلاك كسنة من قبلهم من الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية