الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم  

لا إكراه في الدين لأحد بعد إسلام العرب إذا أقروا بالجزية، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 137 ] كان لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب،  فلما أسلمت العرب طوعا وكرها قبل الخراج، من غير أهل الكتاب، فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى ، وأهل هجر، يدعوهم إلى الإسلام، فكتب: " من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: إن من شهد شهادتنا، وأكل من ذبيحتنا، واستقبل قبلتنا، ودان بديننا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله عز وجل، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أسلمتم فلكم ما أسلمتم عليه، ولكم عشر التمر، ولكم نصف عشر الحب، فمن أبى الإسلام، فعليه الجزية   ".

فكتب المنذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إني قرأت كتابك إلى أهل هجر، فمنهم من أسلم، ومنهم من أبى، فأما اليهود والمجوس، فأقروا بالجزية، وكرهوا الإسلام، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم بالجزية. فقال منافقوا أهل المدينة: زعم محمد أنه لم يؤمر أن يأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فما باله قبل من مجوس أهل هجر، وقد أبى ذلك على آبائنا وإخواننا حتى قاتلهم عليه، فشق على المسلمين قولهم، فذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم آخر الآية ، وأنزل الله عز وجل: لا إكراه في الدين بعد إسلام العرب. قد تبين الرشد من الغي ، يقول: قد تبين الضلالة من الهدى، فمن يكفر بالطاغوت ، يعني الشيطان، ويؤمن بالله ، بأنه واحد لا شريك له، فقد استمسك بالعروة الوثقى ، يقول: أخذ الثقة، يعني الإسلام، التي لا انفصام لها ، يقول: لا انقطاع له دون الجنة، والله سميع لقولهم عليم به.

التالي السابق


الخدمات العلمية