الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون  يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون  وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون  ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم  يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم

ونزلت: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله ، يعني القرآن وأنتم تشهدون أن محمدا رسول الله، ونعته معكم في التوراة، يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق ، يعني لم تخلطون الحق بالباطل وتكتمون الحق ، وذلك أن اليهود أقروا ببعض أمر محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضا وأنتم تعلمون أن محمدا نبي ورسول صلى الله عليه وسلم .

وقالت طائفة من أهل الكتاب ، كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف اليهوديان لسفلة اليهود آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا ، يعني صدقوا بالقرآن، وجه النهار واكفروا آخره أول النهار، يعني صلاة الغداة، وإذا كان العشي قولوا لهم: نظرنا في التوراة، فإذا النعت الذي في التوراة ليس بنعت محمد صلى الله عليه وسلم ، فذلك قوله سبحانه: واكفروا آخره ، يعني صلاة العصر، فلبسوا عليهم دينهم لعلهم يشكون في دينهم، فذلك قوله: لعلهم يرجعون ، يعني لكي يرجعوا عن دينهم إلى دينكم.

وقالا لسفلة اليهود: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ، فإنه لن يؤتى أحد من الناس مثل ما أوتيتم من الفضل والتوراة والمن والسلوى والغمام والحجر، اثبتوا على دينكم، وقالوا لهم: لا تخبروهم بأمر محمد صلى الله عليه وسلم فيحاجوكم، يعني فيخاصموكم عند ربكم، قالوا ذلك حسدا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، لأن تكون النبوة في غيرهم، فأنزل الله عز وجل: [ ص: 177 ] قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل يا محمد إن الفضل ، يعني الإسلام والنبوة بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع لذلك عليم بمن يؤتيه الفضل، يختص برحمته ، يعني بتوبته، من يشاء ، فاختص الله عز وجل به المؤمنين، والله ذو الفضل ، يعني الإسلام العظيم على المؤمنين.

التالي السابق


الخدمات العلمية