الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور  

ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ، يعني من بعد غم الهزيمة أمنة نعاسا، وذلك أن الله عز وجل ألقى على بعضهم النعاس فذهب غمهم، فذلك قوله عز وجل: يغشى النعاس طائفة منكم نزلت في سبعة نفر، في: أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحارث بن الصمة ، وسهل بن ضيف [ ص: 198 ] ورجلين من الأنصار، رضي الله عنهم، ثم قال سبحانه: وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ، يعني الذين لم يلق عليهم النعاس، يظنون بالله غير الحق كذبا يقول المؤمنون: إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل، ظن الجاهلية ، يقول: كظن جهال المشركين أبو سفيان وأصحابه، وذلك أنهم قالوا: إن محمدا قد قتل، يقولون هل لنا من الأمر من شيء ، هذا قول معتب بن قشير ، يعني بالأمر النصر، يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل إن الأمر ، يعني النصر كله لله .

ثم قال سبحانه: يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ، يقول: يسرون في قلوبهم ما لا يظهرون لك بألسنتهم، والذي أخفوا في أنفسهم أنهم قالوا: لو كنا في بيوتنا ما قتلنا ها هنا، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: لو كنتم في بيوتكم لبرز كما تقولون لخرج من البيوت الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ، فمن كتب عليه القتل لا يموت أبدا، ومن كتب عليه الموت لا يقتل أبدا، وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ، يقول: الله عليم بما في القلوب من الإيمان والنفاق، والذين أخفوا في أنفسهم قولهم: إن محمدا قد قتل، وقولهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ، يعني هذا المكان، فهذا الذي قال الله سبحانه لهم: قل لهم يا محمد: لو كنتم في بيوتكم كما تقولون لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية