الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون  وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون  وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون  وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون  وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم

[ ص: 372 ] قوله: قل يا قوم اعملوا على مكانتكم ، يعني جديلتكم، يعني كفار مكة، إني عامل ، على جديلتي التي أمرني بها ربي، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ، يعني الجنة، أنحن أم أنتم، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يفلح ، يعني لا يسعد الظالمون في الآخرة، يعني المشركين، نظيرها في القصص.

وجعلوا لله ، يعني وصفوا لله مما ذرأ ، يعني مما خلق، من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ، يعني النصيب لآلهتهم مثل ذلك، فما أخرج الله من بطون الأنعام وظهورها من الحرث، قالوا: هذا لله، فيتصدقون به على المساكين، وما أخرج الله من نصيب الآلهة أنفقوه عليها، فإن زكا نصيب الآلهة ولم يزك نصيب الله تركوه للآلهة، وقالوا: لو شاء الله لأزكى نصيبه، وإن زكى نصيب الله ولم يزك نصيب الآلهة، خدجت أنعامهم وأجدبت أرضهم، وقالوا: ليس لآلهتنا بد من نفقة، فأخذوا نصيب الله فقسموه بين المساكين والآلهة نصفين، فذلك قوله: فما كان لشركائهم ، يعني لآلهتهم مما خرج من الحرث والأنعام، فلا يصل إلى الله ، يعني إلى المساكين، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ، يعني آلهتهم، يقول الله: ساء ، يعني بئس ما يحكمون ، يقول: لو كان معي شريك كما يقولون، ما عدلوا في القسمة أن يأخذوا مني ولا يعطوني.

[ ص: 373 ] ثم انقطع الكلام، فقال: وكذلك ، يعني وهكذا، زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ، كما زينوا لهم تحريم الحرث والأنعام، يعني دفن البنات وهن أحياء، ليردوهم ، يعني ليهلكوهم، وليلبسوا عليهم ، يعني وليخلطوا عليهم، دينهم ولو شاء الله ما فعلوه ، يقول: لو شاء الله لمنعهم من ذلك، فذرهم ، يعني فخل عنهم، وما يفترون من الكذب، لقولهم في الأعراف: والله أمرنا بها .

وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ، يعني حرام، لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ، يعني الرجال دون النساء، وكانت مشيئتهم أنهم جعلوا اللحوم والألبان للرجال دون النساء، وأنعام حرمت ظهورها ، يعني الحام، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ، يعني البحيرة إن نتجوها أو نحروها لم يذكروا اسم الله عليها، افتراء عليه ، على الله، يعني كذبا على الله، سيجزيهم بما كانوا يفترون حين زعموا أن الله أمرهم بتحريمه، حين قالوا في الأعراف: والله أمرنا بها .

ثم أخبر عنهم، فقال: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ، يعني من الولد والألبان، ومحرم على أزواجنا ، يعني البحيرة، والسائبة، والوصيلة، فكانوا إذا أنتجوه حيا ذبحوه فأكله الرجال دون النساء، وكذلك الألبان، وإن وضعته ميتا اشترك في أكله الرجال والنساء، فذلك قوله: وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم الله العذاب في الآخرة، وصفهم ، ذلك بالتحليل والتحريم، أي جزاءه، إنه حكيم حكم عليهم العذاب، عليم به.

التالي السابق


الخدمات العلمية