الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين  والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم  ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون  واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين  

إن الذين اتخذوا العجل إلها سينالهم غضب ، يعني عذاب، من ربهم وذلة ، يعني مذلة، في الحياة الدنيا ، فصاروا مقهورين إلى يوم القيامة، ثم قال: وكذلك ، يعني وهكذا نجزي المفترين ، يعني الذين افتروا فزعموا أن هذا إلهكم، يعني العجل، وإله موسى.

وكان السامري جمع الحلي بعد خمسة وثلاثين يوما من يوم فارقهم موسى، عليه السلام، وكان السامري صائغا، فصاغ لهم العجل في ثلاثة أيام، وقد علم السامري أنهم يعبدونه ; لقولهم لموسى، عليه السلام، قبل ذلك: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، [ ص: 417 ] فعبدوا العجل لتمام تسعة وثلاثين يوما، ثم أتاهم موسى من الغد لتمام الأربعين يوما.

والذين عملوا السيئات ، يعني الشرك الذين عبدوا العجل، ثم تابوا من بعدها ، أي بعد الشرك، وآمنوا ، يعني صدقوا بالله أنه واحد لا شريك له، إن ربك من بعدها ، يعني من بعد الشرك، لغفور رحيم بهم.

قوله: ولما سكت عن موسى الغضب ، يعني سكن، أخذ الألواح بعدما ألقاها، وفي نسختها فيما بقي منها، هدى من الضلالة، ورحمة من العذاب للذين هم لربهم يرهبون ، يعني يخافون الله، وأعطى موسى التوراة يوم النحر يوم الجمعة، فلم يطق حملها،  فسجد لله، وجعل يدعو ربه ويتضرع، حتى خففت عليه، فحملها على عاتقه.

واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ، من اثني عشر سبطا، ستة ستة، فصاروا اثنين وسبعين رجلا، قال موسى: إنما أمرني ربي بسبعين رجلا، فمن قعد عني فلم يجئ فله الجنة، فقعد يوشع بن نون ، وكالب بن يوقنا ، لميقاتنا ، يعني لميعادنا، يعني الأربعين يوما، فانطلق بهم، فتركهم في أصل الجبل، فلما نزل موسى إليهم: قالوا: أرنا الله جهرة ، فأخذتهم الرجفة، يعني الموت عقوبة لما قالوا، وبقي موسى وحده يبكي، فلما أخذتهم الرجفة قال رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقد أهلكت خيارهم، رب لو شئت أهلكتهم ، يعني أمتهم، من قبل وإياي معهم من قبل أن يصحبوني، أتهلكنا عقوبة بما فعل السفهاء منا ، وظن موسى، عليه السلام، إنما عوقبوا باتخاذ بني إسرائيل العجل، فهم السفهاء، فقال موسى: إن هي إلا فتنتك ، يعني ما هي إلا بلاؤك، تضل بها بالفتنة من تشاء وتهدي من الفتنة من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ، قال فلم يعبد العجل منهم إلا اثنا عشر ألفا.

التالي السابق


الخدمات العلمية