وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون
[ ص: 102 ] وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ، يعني احترزوا، إن كنتم مسلمين ، يعني إن كنتم مقرين بالتوحيد.
فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ، يعني الذين كفروا، يقول: ولا تعذبهم من أجلنا، يقول: إن عذبتهم فلا تجعلنا لهم فتنة.
ونجنا برحمتك من القوم الكافرين . حدثنا عبيد الله قال: سمعت أبي، عن الهذيل في قوله: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ، قال: سمعت أبا صالح يقول: ربنا لا تظفرهم بنا، فيظنوا أنهم على حق وأنا على باطل. قال: سمعت مرة أخرى يقول: لا تختبرنا ببلاء، فيشمت بنا أعداؤنا من ذلك وعافنا منه. قال: وسمعته مرة أخرى يقول: لا تبسط لهم في الرزق وتفتنا بالفقر، فنحتاج إليهم، فيكون ذلك فتنة لنا ولهم.
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بني إسرائيل، بمصر بيوتا ، يعني مساجد، واجعلوا بيوتكم قبلة ، يقول: اجعلوا مساجدكم قبل المسجد الحرام، وأقيموا في تلك البيوت الصلاة لمواقيتها، وبشر المؤمنين . وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة ، يعني الملك، وأموالا ، يعني أنواع الأموال، في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ، يعني إنما أعطيتهم ليشكروا ولا يكفروا بدينك، قال موسى: ربنا اطمس على أموالهم ، قال هارون: آمين، واشدد ، يعني اختم على قلوبهم ، قال هارون: آمين، فلا يؤمنوا ، يعني فلا يصدقوا، حتى يروا العذاب الأليم ، فإذا رأوا العذاب الأليم آمنوا، ولم يغن عنهم شيئا [ ص: 103 ] قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما إلى الله، فصار الداعي والمؤمن شريكين، ولا تتبعان سبيل ، يعني طريق الذين لا يعلمون بأن الله وحده لا شريك له، يعني أهل مصر.
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر بيان ذلك في طه: فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ، لا تخاف أن يدركك فرعون ، ولا تخشى أن تغرق، فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا ظلما، وعدوا ، يعني اعتداء، حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت ، يعني صدقت، وذلك حين غشيه الموت، أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، يعني بالذي صدقت به بنو إسرائيل من التوحيد، وأنا من المسلمين . فأخذ جبريل، عليه السلام، كفا من حصباء البحر، فجعلها في فيه، فقال: آلآن عند الموت تؤمن، وقد عصيت قبل ، أي قبل نزول العذاب، وكنت من المفسدين ، يعني من العاصين.
فاليوم ننجيك ببدنك ، وذلك أنه لما غرق القوم، قالت بنو إسرائيل: إنهم لم يعرفوا ، فأوحى الله إلى البحر فطفا بهم على وجهه، فنظروا إلى فرعون على الماء، فمنذ يومئذ إلى يوم القيامة تطفو الغرقى على الماء، فذلك قوله: لتكون لمن خلفك آية ، يعني لمن بعدك إلى يوم القيامة آية، يعني علما، وإن كثيرا من الناس عن آياتنا ، يعني عجائبنا وسلطاننا لغافلون ، يعني لاهون.