الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا  اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا  من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا  

وكل إنسان ألزمناه طائره ، يعني عمله الذي عمل، خيرا كان أو شرا، فهو في عنقه لا يفارقه حتى يحاسب عليه، ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ، وذلك أن ابن آدم إذا ما طويت صحيفته التي فيها عمله، فإذا كان يوم القيامة، نشر كتابه، فدفع إليه منشورا.

ثم يقال له: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، يعني شهيدا، فلا شاهد عليك أفضل من نفسك، وذلك حين قالوا: والله ربنا ما كنا مشركين ، ختم الله على ألسنتهم، ثم أمر الجوارح، فشهدت عليه بشركه وتكذيبه، وذلك قوله سبحانه: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، وذلك قوله عز وجل: بل الإنسان على نفسه بصيرة ، يعني جوارحهم حين شهدت عليهم أنفسهم، وألسنتهم، وأيديهم، وأرجلهم.

من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه الخير ومن ضل عن الهدى، فإنما يضل عليها، أي على نفسه، يقول: فعلى نفسه إثم ضلالته، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، يقول: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى، وما كنا معذبين في الدنيا أحدا، [ ص: 253 ] حتى نبعث رسولا لينذرهم بالعذاب في الدنيا بأنه نازل بهم، كقوله سبحانه: وما أهلكنا في الدنيا من قرية إلا لها منذرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية