الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا  أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا  وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا  

[ ص: 262 ] قل لكفار مكة: ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دونه ، من دون الله، يعني الملائكة، فليكشفوا الضر عنكم، يعني الجوع سبع سنين إذا نزل بكم، ثم أخبر عن الملائكة الذين عبدوهم، فقال سبحانه: فلا يملكون ، يعني لا يقدرون على كشف الضر عنكم ، يعني الجوع الذي أصابهم بمكة سبع سنين حتى أكلوا الميتة، والكلاب، والجيف،  فيرفعونه عنكم، ولا تحويلا ، يقول: ولا تقدر الملائكة على تحويل هذا الضر عنكم إلى غيره، فكيف تعبدونهم، مثلها في سورة سبأ: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة ، يعني أصغر النمل التي لا تكاد أن ترى من الصغر، وهي النملة الحمراء.

ثم قال يعظهم: أولئك الذين يدعون ، يقول: أولئك الملائكة الذين تعدونهم، يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، يعني الزلفة، وهي القربة بطاعتهم، أيهم أقرب إلى الله درجة، مثل قوله سبحانه: وابتغوا إليه الوسيلة ، يعني القربة إلى الله عز وجل، ويرجون رحمته ، يعني جنته، نظيرها في البقرة: أولئك يرجون رحمت الله ، يعني جنة الله عز وجل، ويخافون عذابه ، يعني الملائكة، إن عذاب ربك كان محذورا ، يقول: يحذره الخائفون له، فابتغوا إليه الزلفة كما تبتغي الملائكة، وخافوا أنتم عذابه كما يخافون، وارجوا أنتم رحمته كما يرجون: فـ إن عذاب ربك كان محذورا .

وإن من قرية ، يقول: وما من قرية طالحة أو صالحة، إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا ، فأما الصالحة، فهلاكها بالموت، وأما الطالحة، فيأخذها العذاب في الدنيا، كان ذلك ، يعني هلاك الصالحة بالموت، وعذاب الطالحة في الدنيا، في الكتاب مسطورا ، يعني في أم الكتاب مكتوبا، يعني اللوح المحفوظ، فتموت أو ينزل بها ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية