الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا  ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا  إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا  

ويسألونك عن الروح ، نزلت في أبي جهل وأصحابه، قل الروح من أمر ربي ، وهو ملك عظيم على صورة إنسان أعظم من كل مخلوق غير العرش ، فهو حافظ على الملائكة، وجهه كوجه الإنسان، ثم قال سبحانه: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ، عندي كثيرا عندكم، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في التوراة علم كل شيء، وقال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لليهود: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ، عندي كثيرا عندكم، وعلم التوراة عندكم كثير.

فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: من قال هذا ؟ فوالله ما قاله لك إلا عدو لنا، يعنون جبريل، عليه السلام، ثم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: خاصة لنا إنا لم نؤت من العلم إلا قليلا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بل الناس كلهم عامة "، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ولا أنت ولا أصحابك ؟ فقال: " نعم "، فقالوا: كيف تجمع بين هاتين ؟ تزعم أنك أوتيت الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، وتزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلا، فنزلت: ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام إلى آخر الآية، نزلت: قل لو كان البحر مدادا إلى آخر الآية: ثم قال سبحانه: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك من القرآن، وذلك حين [ ص: 271 ] دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى دين آبائه، ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ، يعني مانعا يمنعك منا.

فاستثنى عز وجل: إلا رحمة من ربك ، يعني القرآن كان رحمة من ربك اختصك بها،  إن فضله كان عليك كبيرا ، يعني عظيما حين اختصك بذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية