يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى
[ ص: 336 ] كما قال تعالى: يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم فرعون وقومه وواعدناكم جانب الطور الأيمن يعني حين سار موسى مع السبعين عن يمين الجبل، فأعطي التوراة ونزلنا عليكم المن والسلوى في التيه، أما المن فالترنجبين كان بين أعينهم بالليل على شجرهم أبيض كأنه الثلج، حلو مثل العسل، فيغدون عليه فيأخذون منه ما يكفيهم يومهم ذلك، ولا يرفعون منه لغد، ويأخذون يوم الجمعة ليومين؛ لأن السبت كان عندهم لا يسيحون فيه ولا يعملون فيه، هذا لهم وهم في التيه مع موسى عليه السلام، وتنبت ثيابهم مع أولادهم، أما الرجال فكانت ثيابهم لا تبلى، ولا تخرق، ولا تدنس، وأما السلوى وهو الطير، وذلك أن بني إسرائيل سألوا موسى اللحم وهم في التيه، فسأل موسى ، عليه السلام، ربه عز وجل ذلك، فقال الله: لأطعمنهم أقل الطير لحما، فبعث الله سبحانه سحابا فأمطرت سمانا، وجمعتهم الريح الجنوب، وهي طير حمر تكون في طريق مصر ، فمطرت قدر ميل في عرض الأرض، وقدر طول رمح في السماء.
يقول الله تعالى ذكره: كلوا من طيبات ما رزقناكم يعني بالطيبات الحلال من الرزق ولا تطغوا فيه يقول: ولا تعصوا في الرزق، يعني فيما رزقناكم من المن والسلوى فترفعوا منه لغد، وكان الله سبحانه قد نهاهم أن يرفعوا منه لغد فعصوا الله، عز وجل، ورفعوا منه، وقددوا، فتدود ونتن، ولولا صنيع بني إسرائيل لم يتغير الطعام أبدا ولولا حواء زوج آدم، عليهما السلام، لم تخن أنثى زوجها الدهر، فذلك قوله: ولا تطغوا فيه كقوله تعالى لفرعون إنه طغى يعني عصى فيحل عليكم غضبي يعني فيجب عليكم عذابي ومن يحلل عليه غضبي عذابي فقد هوى يقول: ومن وجب عليه عذابي فقد هلك.
وإني لغفار لمن تاب من الشرك عن عبادة العجل وآمن يعني وصدق بتوحيد الله، عز وجل، وعمل صالحا ثم اهتدى يعني عرف أن لعمله ثوابا يجازى به كقوله سبحانه: وبالنجم هم يهتدون يعني يعرفون الطريق.