وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم
[ ص: 78 ] وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ، يعني أساس البيت الحرام الذي كان رفع ليالي الطوفان على عهد نوح، فبناه إبراهيم وإسماعيل على ذلك الأصل، وأعانهم الله عز وجل بسبعة أملاك على البناء ملك إبراهيم، وملك إسماعيل، وملك هاجر، والملك الموكل بالبيت، وملك الشمس، وملك القمر، وملك آخر، فلما فرغا من بناء البيت، قالا: ربنا تقبل منا ، يعني بناء هذا البيت الحرام، إنك أنت السميع العليم لدعائهما: ربنا تقبل منا .
ثم قالا: ربنا واجعلنا مسلمين لك ، يعني مخلصين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا ، يعني علمنا مناسكنا، نظيرها: بما أراك الله ، يعني بما علمك الله، ونظيرها: ولما يعلم الله ، يعني يرى الله، ونظيرها أيضا: ويرى الذين أوتوا العلم ، يعني ويعلم، ونظيرها: فليعلمن الله الذين صدقوا ، يعني وليرين الله، وليعلمن الكاذبين ، يعني ويرى.
وأرنا مناسكنا فنصلي لك، وتب علينا ، يعني إبراهيم وإسماعيل أنفسهما، إنك أنت التواب الرحيم ، ففعل الله عز وجل ذلك به، فنزل جبريل عليه السلام، فانطلق بإبراهيم صلى الله عليه وسلم إلى عرفات وإلى المشاعر ليريه ويعلمه كيف يسأل ربه، فلما أراه الله المناسك والمشاعر، علم أن الله عز وجل سيجعل في ذريتهما أمة مسلمة، كما سألا ربهما، فقالا عند ذلك: ربنا وابعث فيهم ، يعني في ذريتنا رسولا منهم ، يعني محمد صلى الله عليه وسلم ، يتلو عليهم آياتك ، يعني يقرأ عليهم آيات القرآن، ويعلمهم الكتاب ، يقول: يعلمهم ما يتلى عليهم من القرآن، ثم قال: والحكمة ، يعني الموعظة التي في القرآن من الحلال والحرام، ويزكيهم ، يعني ويطهرهم من الشرك والكفر، إنك أنت العزيز الحكيم ، فاستجاب الله له في سورة الجمعة، فقال: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته إلى آخر الآية.