الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون  وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين  ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون  ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين  فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون  

ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا بالعذاب في الدنيا القرون الأولى يعني نوحا، وعادا، وقوم إبراهيم، وقوم لوط ، وقوم شعيب، وغيرهم كانوا قبل موسى ، ثم قال عز وجل: بصائر للناس يقول: في هلاك الأمم الخالية بصيرة لبني إسرائيل، وهدى يعني التوراة هدى من الضلالة لمن عمل بها، ورحمة لمن آمن بها من العذاب لعلهم يعني لكي يتذكرون فيؤمنوا بتوحيد الله، عز وجل.

وما كنت يا محمد بجانب يعني بناحية، كقوله عز وجل: جانب البر يعني ناحية البر الغربي بالأرض المقدسة، والغربي يعني: غربي الجبل حيث تغرب الشمس إذ قضينا إلى موسى الأمر يقول: إذ عهدنا إلى موسى الرسالة إلى فرعون وقومه، وما كنت من الشاهدين لذلك الأمر.

[ ص: 499 ] ولكنا أنشأنا قرونا يعني خلقنا قرونا، فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا يعني شاهدا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا يعني تشهد مدين ، فتقرأ على أهل مكة أمرهم ولكنا كنا مرسلين يعني أرسلناك إلى أهل مكة لتخبرهم بأمر مدين .

وما كنت بجانب الطور يعني بناحية من الجبل الذي كلم الله عز وجل عليه موسى ، عليه السلام،  إذ نادينا يعني إذ كلمنا موسى ، وآتيناه التوراة ولكن رحمة من ربك يقول: ولكن القرآن رحمة، يعني نعمة من ربك، النبوة اختصصت بها، إذ أوحينا إليك أمرهم لتعرف كفارمكة نبوتك، فذلك قوله: لتنذر قوما يعني أهل مكة بالقرآن ما أتاهم من نذير يعني رسولا من قبلك لعلهم يعني لكي يتذكرون فيؤمنوا.

ولولا أن تصيبهم مصيبة يعني العذاب في الدنيا بما قدمت أيديهم من المعاصي، يعني كفار مكة فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك يعني القرآن ونكون من المؤمنين يعني المصدقين، فيها تقديم، يقول: لولا أن يقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك، ونكون من المؤمنين لأصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم.

فلما جاءهم الحق يعني القرآن من عندنا قالوا لولا يعني هلا أوتي مثل ما أوتي موسى يعني أعطي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن جملة مكتوبة كما أعطي موسى التوراة أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قرآن محمد صلى الله عليه وسلم قالوا سحران تظاهرا يعنون التوراة والقرآن، ومن قرأ "ساحران" يعني موسى ومحمدا ، صلى الله عليهما، "تظاهرا"، يعني تعاونا على الضلالة، يقول: صدق كل واحد منهما الآخر، وقالوا إنا بكل كافرون يعني بالتوراة وبالقرآن لا نؤمن بهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية