قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون
[ ص: 85 ] قد نرى تقلب وجهك في السماء ، يعني نرى أنك تديم نظرك إلى السماء، فلنولينك ، يعني لنحولنك إلى قبلة ترضاها ; لأن الكعبة كانت أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس، فول ، يعني فحول وجهك شطر ، يعني تلقاء المسجد الحرام وحيث ما كنتم من الأرض فولوا وجوهكم شطره ، يعني فحولوا وجوهكم في الصلاة تلقاءه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد بني سلمة، فصلى ركعة، ثم حولت القبلة إلى الكعبة، وفرض الله صيام رمضان، وتحويل القبلة، والصلاة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين، وحرم الخمر قبل الخندق.
وإن الذين أوتوا الكتاب ، يعني أهل التوراة، وهم اليهود، منهم الحميس بن عمرو ، قال: يا محمد، ما أمرت بهذا الأمر، وما هذا إلا شيء ابتدعته، يعني في أمر القبلة، فأنزل الله عز وجل: وإن الذين أوتوا الكتاب ، يعني أهل التوراة، ليعلمون أنه الحق من ربهم ، بأن القبلة هي الكعبة، فأوعدهم الله، فقال: وما الله بغافل عما يعملون ، يعني عما يعملون من كفرهم بالقبلة، ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب ، يعني اليهود، ينحوم بن سكين ، ورافع بن سكين ، ورافع ابن حريملة ، ومن النصارى أهل نجران السيد ، والعاقب ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائتنا بآية نعرفها كما كانت الأنبياء تأتي بها، فأنزل الله عز وجل: ولئن أتيت ، يقول: ولئن جئت يا محمد الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ، يعني الكعبة، وما أنت بتابع قبلتهم ، يعني بيت المقدس، ثم قال: وما بعضهم بتابع قبلة بعض ، يقول: إن اليهود يصلون قبل المغرب لبيت المقدس، والنصارى قبل المشرق، فأنزل الله عز وجل يحذر نبيه صلى الله عليه وسلم ويخوفه: ولئن اتبعت أهواءهم ، فصليت إلى قبلتهم من بعد ما جاءك من العلم ، يعني البيان، إنك إذا لمن الظالمين .
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، يعني اليهود منهم: أبو ياسر بن أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وسلام بن صوريا ، وكنانة بن أبي الحقيق ، ووهب بن يهوذا ، وأبو نافع ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لم تطوفون بالكعبة، وإنما هي حجارة مبنية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لتعلمون أن الطواف بالبيت حق، فإنه هو القبلة مكتوب في التوراة والإنجيل، ولكنكم تكتمون ما في كتاب الله من الحق وتجحدونه، فقال ابن صوريا: ما كتمنا شيئا مما في كتابنا، فأنزل الله عز وجل: الذين آتيناهم الكتاب ، يقول: أعطيناهم التوراة، يعرفونه ، أي يعرفون البيت الحرام أنه القبلة، [ ص: 86 ] كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ، يعني طائفة من هؤلاء الرءوس ليكتمون الحق ، يعني أمر القبلة وهم يعلمون أن البيت هو القبلة.
ثم قال سبحانه: الحق من ربك يا محمد إن القبلة التي وليناكها هي القبلة، فلا ، يعني لئلا تكونن يا محمد من الممترين ، يعني من الشاكين أن البيت الحرام هو القبلة، ولكل وجهة هو موليها ، يقول: لكل أهل ملة قبلة هم مستقبلوها، يريدون بها الله عز وجل، فاستبقوا الخيرات ، يقول: سارعوا في الصالحات من الأعمال، أين ما تكونوا من الأرض أنتم وأهل الكتاب، يأت بكم الله جميعا يوم القيامة، إن الله على كل شيء قدير من البعث وغيره قدير.
ومن حيث خرجت ، يقول: ومن أين توجهت من الأرض، فول وجهك شطر المسجد الحرام ، يقول: فحول وجهك في الصلاة تلقاء المسجد الحرام، وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ، ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ، يعني الحرم كله، فإنه مسجد كله، وحيث ما كنتم من الأرض، فولوا وجوهكم شطره ، يعني فحولوا وجوهكم تلقاءه، ثم قال: لئلا يكون للناس عليكم حجة ، يعني اليهود في أن الكعبة هي القبلة، ولا حجة لهم عليكم في انصرافكم إليها، ثم استثنى، فقال: إلا الذين ظلموا منهم ، يعني من الناس، يعني مشركي العرب، وذلك أن مشركي مكة قالوا: إن الكعبة هي القبلة، فما بال محمد تركها وكانت لهم في ذلك حجة، يقول الله عز وجل: فلا تخشوهم أن يكون لهم عليكم حجة في شيء غيرها، واخشوني في ترك أمري في أمر القبلة، ثم قال عز وجل: ولأتم نعمتي عليكم في انصرافكم إلى الكعبة وهي القبلة، ولعلكم ولكي تهتدون من الضلالة، فإن الصلاة قبل بيت المقدس بعد ما نسخت الصلاة إليه ضلالة.
قال: حدثنا عبيد الله بن ثابت ، قال: حدثنا أبي، قال الهذيل ، عن ، عن ليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب أبي الجهم مرثد ، عن ، قال: إنكم ستفتحون عبد الله بن عمرو بن العاص قسطنطينية والرومية وحمقلة. قال: حدثنا عبيد الله ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الهذيل ، عن ، عن ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، قال: إنكم ستفتحون [ ص: 87 ] عبد الله بن عمرو رومية، فإذا دخلتموها فادخلوا كنيستها الشرقية، فعدوا سبع بلاطات واقلعوا الثامنة، وهي بلاطة حمراء، فإن تحتها عصا موسى، وإنجيل عيسى، وحلي إيلياء، يعني بيت المقدس، هذا خزيهم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب النار.
قال: حدثنا عبيد الله ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل بن حبيب ، عن ، قال: مقاتل كل من ملك القبط يسمى قيطوس، وكل من ملك الروم يسمى قيصر، وكل من ملك الفرس يسمى كسرى.