وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
"و" أرسلنا وإلى مدين أخاهم شعيبا بن نويب بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن، جل جلاله، لصلبه، فقال يا قوم اعبدوا الله ، يعني وحدوا الله، وارجوا اليوم الآخر ، [ ص: 519 ] يعني واخشوا البعث الذي فيه جزاء الأعمال، ولا تعثوا ، يعني ولا تسعوا، في الأرض مفسدين ، يعني بالمعاصي في وهو الفساد في الأرض. نقصان الكيل والميزان،
فكذبوه بالعذاب حين أوعدهم أنه نازل بهم في الدنيا، فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم ، يعني عز وجل في محلتهم وعسكرهم، جاثمين أمواتا خامدين مثل النار إذا أطفئت، بينما هي توقد إذا هي طفئت، فشبه أرواحهم في أجسادهم وهم أحياء مثل النار إذا توقد، ثم شبه هلاكهم بالنار إذا طفئت، بينما هم أحياء إذ صاح بهم جبريل، عليه السلام، فصعقوا أمواتا أجمعين.
"و" أهلكنا وعادا وثمود ، وهما ابنا عم، وقد تبين لكم يا أهل مكة ، من مساكنهم ، يعني منازلهم آية في هلاكهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم السيئة، فصدهم الشيطان عن السبيل ، أي: طريق الهدى، وكانوا مستبصرين في دينهم يحسبون أنهم على هدى.
"و" أهلكنا وقارون وفرعون ، واسمه فيطوس ، وهامان قهرمان فرعون ودستوره، ولقد جاءهم موسى بالبينات ، أخبرهم أن العذاب نازل بهم في الدنيا، فكذبوه وادعوا أنه غير نازل بهم في الدنيا، فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين ، يعني فتكبروا بذنوبهم، يعني بتكذيبهم الرسل، كقوله تعالى: اعترفوا بذنوبهم ، يعني بتكذيبهم الرسل، وكفروا به، فدمدم عليهم ربهم بذنبهم ، يعني بتكذيبهم صالحا .
قال عز وجل: فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ، يعني من الحجارة، وهم قوم لوط ، ومنهم من أخذته الصيحة ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، وهم قوم صالح، وقوم شعيب، وقوم هود، وقوم إبراهيم، ومنهم من خسفنا به الأرض ، يعني قارون وأصحابه، ومنهم من أغرقنا ، يعني قوم نوح ، وقوم فرعون ، وما كان الله ليظلمهم ، فيعذبهم على غير ذنب، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية؛ لئلا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم .