الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون  إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم  إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين  خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون  وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم  

إن الذين يكتمون ، وذلك أن معاذ بن جبل ، وسعد بن معاذ ، وحارثة بن زيد ، سألوا اليهود عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم وعن الرجم وغيره فكتموهم، يعني اليهود، منهم: كعب ابن الأشرف ، وابن صوريا ، ما أنزلنا من البينات ، يعني ما بين الله عز وجل في التوراة، يعني الرجم والحلال والحرام، والهدى ، يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة، فكتموه الناس، يقول الله سبحانه: من بعد ما بيناه ، يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، للناس في الكتاب ، يعني لبني إسرائيل في التوراة، وذلك قوله سبحانه في العنكبوت: وما يجحد بآياتنا ، أي بمحمد صلى الله عليه وسلم إلا الظالمون ، يعني المكذبون بالتوراة، وهم أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، وذلك أن الكافر يضرب في قبره فيصيح ويسمع صوته الخليقة كلهم، غير الجن والإنس، فيقولون: إنما كان يحبس عنا الرزق بذنب هذا، فتلعنهم الخليقة، فهم اللاعنون.

ثم استثنى مؤمني أهل التوراة، فقال سبحانه: إلا الذين تابوا من الكفر [ ص: 90 ] وأصلحوا العمل وبينوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم للناس، فأولئك أتوب عليهم ، يعني أتجاوز عنهم، وأنا التواب الرحيم ، ثم ذكر من مات من اليهود على الكفر، فقال: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله ولعنة والملائكة ولعنة والناس أجمعين ، يعني المؤمنين جميعا، خالدين فيها ، يعني في اللعنة، واللعنة النار، لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ، لا يناظر بهم حتى يعذبوا.

ثم قال لأهل الكتاب: وإلهكم إله واحد ، يقول: ربكم رب واحد، فوحد نفسه تبارك اسمه، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية