الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا  وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا  ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا  واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا  المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا  

                                                                                                                                                                                                                                      أو يصبح يعني : أو يصير ماؤها غورا أي : ذاهبا قد غار في الأرض فلن تستطيع له طلبا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 65 ] قال محمد : (غورا) مصدر وضع موضع الاسم ، يقال : ماء غور ، ومياه غور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأحيط بثمره من الليل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : معنى (أحيط) : أهلك . فأصبح من الغد يقلب كفيه قال الحسن : يقول : يضرب إحداهما على الأخرى ندامة على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : معنى خاوية على عروشها أي : خراب على سقفها ، والأصل في ذلك : أن يسقط السقف ثم تسقط الحيطان عليها . ويقول في الآخرة يا ليتني لم أشرك بربي في الدنيا أحدا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولم تكن له فئة أي : عشيرة ينصرونه من دون الله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قوله : فئة ينصرونه ولم يقل : تنصره ؛ المعنى : ولم يكن له أقوام ينصرونه .

                                                                                                                                                                                                                                      هنالك الولاية لله الحق تقرأ برفع (الحق) وبجره ، فمن قرأها بالرفع فيقول : هنالك الولاية الحق لله ، ومن قرأها بالجر يقول : لله الحق ، والحق اسم من أسماء الله ، المعنى : هنالك يتولى الله كل عبد لا يبقى أحد يومئذ إلا تولى الله ، فلا يقبل ذلك من المشركين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 66 ] قال يحيى : قال السدي : الولاية بالفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وقرأها حمزة والكسائي بكسر الواو ، ذكره أبو عبيد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : هو خير ثوابا وخير عقبا أي عاقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (ثوابا وعقبا) منصوبان على التمييز .

                                                                                                                                                                                                                                      واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : يعني : اندفع في النبات ، فأخذ النبات زخرفه . فأصبح هشيما تذروه الرياح فأخبر أن الدنيا ذاهبة زائلة ؛  كما ذهب ذلك النبات بعد بهجته وزينته .

                                                                                                                                                                                                                                      المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات هي في تفسير الحسن : [الفرائض] خير عند ربك ثوابا وخير أملا يقول : هي جزاء ما قدموه في الدنيا أي : يثابوه في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية