الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين  أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون  وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون  وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون  وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون  كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون  

                                                                                                                                                                                                                                      ومن يقل منهم إني إله من دونه الآية ، قال قتادة : هذه في إبليس خاصة لما دعا إلى عبادة نفسه ، وقال الحسن : ومن يقل ذلك منهم إن قاله ، ولا يقوله أحد منهم ؛ وكان يقول : إن إبليس لم يكن منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا [قال السدي : أو لم يعلم] قال الحسن : يعني : ملتزقتين إحداهما على الأخرى ففتقناهما يقول : فوضع الأرض ، ورفع السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قوله : كانتا رتقا لأن السماوات يعبر عنها بالسماء بلفظ الواحد ، وكذلك الأرض ، ومعنى (رتقا) أي : شيئا واحدا [ ص: 146 ] ملتحما ، وهو معنى قول الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعلنا من الماء كل شيء حي أي : أن كل شيء حي فإنما خلق من الماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعلنا في الأرض رواسي يعني : الجبال أن تميد بهم لئلا تحرك بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا يعني : أعلاما طرقا لعلهم يهتدون لكي يهتدوا الطرق وجعلنا السماء سقفا على من تحتها محفوظا يعني : من كل شيطان رجيم . وهم عن آياتها معرضون أي : لا يتفكرون فيها يرون ؛ فيعرفون أن لهم معادا فيؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون أي : يجرون ، تفسير الحسن : إن الشمس والقمر والنجوم في طاحونة بين السماء والأرض كهيئة فلكة المغزل تدور فيها ، ولو كانت ملتزقة بالسماء لم تجر .

                                                                                                                                                                                                                                      أفإن مت فهم الخالدون على الاستفهام : أفهم الخالدون ؟ أي : لا يخلدون .

                                                                                                                                                                                                                                      ونبلوكم بالشر والخير يعني : الشدة والرخاء فتنة أي : اختبارا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 147 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية