الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون  ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون  قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين  قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم  

                                                                                                                                                                                                                                      ارجع إليهم قال قتادة : يعني : الرسل فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها أي : لا طاقة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها يعني : سريرها قبل أن يأتوني مسلمين أي : مقرين بالطاعة ، في تفسير الكلبي قال عفريت من الجن أي : مارد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 302 ] قال محمد : يقال : عفر وعفريت ، وعفرية وعفارية ؛ إذا كان شديدا وثيقا . أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك قال قتادة : ومقامه : مجلسه الذي كان يقضي فيه ، فأراد ما هو أعجل من ذلك قال الذي عنده علم من الكتاب وكان رجلا من بني إسرائيل ، يقال له : آصف ، يعلم اسم الله الأعظم  الذي إذا دعي به أجاب قال أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك وطرفه : أن يبعث رسولا إلى منتهى طرفه ، فلا يرجع إليه ، حتى يؤتى به ، فدعا الرجل باسم الله الأعظم فلما رآه رأى سليمان السرير مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر أي : أشكر النعمة أم أكفرها ؟ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      يحيى : عن المعلى ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " إن صاحب سليمان الذي قال : أنا آتيك به كان يحسن الاسم الأكبر ، فدعا به وكان بينه وبينه مسيرة شهرين ، وهي منه على فرسخ ، فلما جاءه العرش كأن سليمان وجد في نفسه -مثل الحسد له- ثم فكر ، فقال : أليس هذا الذي قدر على ما لم أقدر عليه مسخرا لي ؟ ! هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 303 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية