الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              128 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ومالك ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل أخبره ، أن عبد الله بن عباس أخبره ، " أنه كان مع عمر بن الخطاب حين خرج إلى الشام ، فرجع بالناس من سرغ ، فلقيه أمراؤه على الأجناد ، ولقيه أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه ، وقد وقع الوجع بالشام، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، فقال عمر: ادع لي من كان ها هنا من المهاجرين الأولين .

              قال : فدعوتهم ، فاستشارهم ، فاختلفوا عليه ، فقال بعضهم : إنما هو قدر الله ، وقد خرجت لأمر ، فلا نرى أن ترجع عنه .

              وقال بعضهم : معك بقية الناس ، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ارجع بالناس ، ولا تقدمهم على هذا الوباء .

              فأمرهم أن يرتفعوا .

              ثم قال : ادع لي الأنصار ، فدعوتهم .

              فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين ، واختلفوا كاختلافهم ، فأمرهم أن يرتفعوا ثم قال : ادع لي من كان ها هنا من مشيخة مهاجرة الفتح .

              فدعوتهم ، فاستشارهم ، فما اختلف عليه رجلان منهم ، وأجمع رأيهم على أن يرجع بالناس ، فأذن عمر في الناس : إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه ، فإني ماض لما أرى .

              فانظروا ما أمرتكم به ، فامضوا له .

              قال : فأصبح على ظهر ، فركب عمر ثم قال للناس : إني راجع .

              فجاء أبو عبيدة بن الجراح فقال : أفرارا من قدر الله ؟ وكان عمر يكره أن يخالفه أبو عبيدة .

              فغضب عمر ثم قال : لو كان غيرك قالها يا أبا عبيدة وقال عمر: نعم أفر من قدر الله إلى قدر الله! أرأيت لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عدوتان : إحداهما خصبة ، والأخرى جدبة .

              أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ؟ وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ ثم [ ص: 95 ] خلا بأبي عبيدة فتراجعا ساعة ، قال : فبينا هم على ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف ، وكان متغيبا في بعض حاجته ، فجاء والقوم مختلفون .

              فقال : عندي من هذا علم .

              فقال عمر: وما هو ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا يخرجكم منها فرارا منه " .  

              قال : فكبر عمر ، وحمد الله وانصرف .


              - أحدهما يزيد الكلمة - .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية