الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب العين

ذكر من اسمه عبد الله

249 - عبد الله بن إمامنا أحمد أبو عبد الرحمن:

حدث عن أبيه وعن عبد الأعلى بن حماد ، وكامل بن طلحة ، ويحيى بن معين ، وأبي بكر ، وعثمان ابني أبي شبيبة ، وشيبان بن فروخ ، وعباس بن الوليد النرسي ، وأبي خيثمة زهير بن حرب ، وسويد بن سعيد ، وأبي الربيع الزهراني ، وعلي بن حكيم الأودي ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، ويحيى بن عبد ربه ، وزكريا بن يحيى بن حمويه ، وعبد الله بن عمر بن أبان الجعفي ، ومحمد بن أبي بكر ، وسفيان بن وكيع بن الجراح ، وسلمة بن شبيب ، وداود بن عمرو الضبي في خلق كثير من أمثال هؤلاء.

روى عنه أبو القاسم البغوي ، وعبد الله بن إسحاق المدائني ، ومحمد بن خلف وكيع ، ويحيى بن صاعد ، وعبد الله النيسابوري والقاضيان المحاملي ، وأحمد بن كامل ، والخطبي ، والكاذي ، وأبو علي بن الصواف ، وأبو بكر النجاد ، وأبو الحسين بن المنادي ، ومحمد بن مخلد ، وأبو بكر الخلال وغيرهم وكان ثبتا فهما ثقة.

ولد في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ومائتين.

أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا أبو القاسم الأزجي قراءة أخبرنا عبد العزيز بن جعفر إجازة أخبرنا أبو بكر الخلال أخبرنا محمد بن أحمد بن الريان قال: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: كنت أعرض الحديث على أبي رضي الله عنه فأرى في وجهه التغير ويقول كأنك تطلب ما لم أسمعه فتركته. [ ص: 181 ]

وبالأسناد أخبرنا عبد العزيز بن جعفر إجازة حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن كوثر حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال لي الحسن بن محمد الزعفراني كل كتاب قرأت على الشافعي كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل حاضرا فإذا قال الشافعي: حدثني الثقة يعني أباك أحمد بن حنبل.

وذكره أبو حفص البرمكي في المجموع قال: روى عبد الله عن أبيه أنه قال: في زيارة الرجل القبر يجيء ويسلم ويدعو.

وروى عبد الله عن أبيه أنه قال: قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " نسمة المؤمن إذا مات طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه   ".

وذكر الوالد السعيد في المعتمد قال: روى عبد الله عن أبيه قال: " أرواح الكفار في النار وأرواح المؤمنين في الجنة والأبدان في الدنيا يعذب الله من يشاء ويرحم من يشاء ولا نقول إنهما يفنيان بل هما على علم الله باقيان   ".

قال الوالد السعيد: وظاهر هذا أن الأرواح تعذب وتنعم على الانفراد وكذلك الأبدان إن كانت باقية أو إلى الأجزاء التي استحالت ولا يمتنع أن يخلق الله في الأبدان إدراكا تحس به النعيم والعذاب كما خلق في الجبل لما تجلى له رؤية حتى رأى ربه ثم دكه بعد الرؤية وجعله قطعا علامة لموسى في أنه يراه في الدنيا.

قلت أنا: ولأنه لما لم يستحل نطق الذراع المشوية لم يستحل عذاب الجسد البالي وإيصال الألم إليه بقدرة الله تعالى.

أنبأنا القاضي عبيد الله بن أبي أحمد قال: أخبرني بكران بن أحمد الخصيب قال: سمعت 1 عبد الله بن أحمد بن حنبل وهو يحدث أبا بكر عبد الله بن يوسف أخا القاضي أبي عمر بزبالة وقد بتنا بها ليلة في طريق مكة قال: سمعت أبي يقول: لما قدمت صنعاء اليمن أنا ويحيى بن معين في وقت صلاة العصر فسألنا عن منزل [ ص: 182 ] عبد الرزاق فقيل لنا بقرية يقال لها: الرمادة فمضيت لشهوتي للقائه وتخلف يحيى بن معين وبينها وبين صنعاء قريب حتى إذا سألت عن منزله قيل لي هذا منزله فلما ذهبت أدق الباب قال لي: بقال تجاه داره: مه، لا تدق فإن الشيخ مهوب، فجلست حتى إذا كان قبل صلاة المغرب خرج للصلاة فوثبت إليه وفي يدي أحاديث قد انتقيتها فقلت له: سلام عليكم تحدثني بهذه رحمك الله فإنني رجل غريب؟ فقال لي: ومن أنت؟ فقلت أنا: أحمد بن حنبل فتقاصر ورجع وضمني إليه وقال بالله أنت أبو عبد الله ثم أخذ الأحاديث فلم يزل يقرأها حتى أشكل عليه الظلام فقال للبقال: هلم بالمصباح حتى خرج وقت صلاة المغرب وكان يؤخرها.

قال عبد الله: فكان أبي إذا ذكر أنه نوه باسمه عند عبد الرزاق بكى.

أنبأنا رزق الله عن أبي الفتح محمد بن أحمد الحافظ أن أبا الحسن محمد بن العباس أخبرهم حدثنا أبو الحسين بن المنادي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قيل لأبي لم كتبت عن عبيد الله بن موسى ثم تركت الرواية عنه وكتبت عن عبد الرزاق ورويت عنه وهما على مذهب واحد؟ فقال: أما عبد الرزاق فما سمعنا منه مما قيل عنه شيئا ولم يبلغنا أنه كان يدعو إلى مذهبه وأما عبيد الله فإنه كان يدعو إلى مذهبه ويجاهر به فتركت الرواية عنه لذلك.

وأنبأنا الخطيب أبو الحسين عن أبي حفص بن شاهين حدثنا إسماعيل بن علي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن الرافضي؟ قال: الذي يسب أبا بكر ، وعمر رضي الله عنهما.  

وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يقرأ عليه كثيرا وكان ربما غاب صالح فأقول له إن صالحا مشغول بعياله فاقرأ عليه فكان لا يفعل. قال: فلما كثر ذلك عليه وعلم كثرة شغله وتخلفه عن السماع كان أبي يقرأ علي إذا غاب صالح ويدعه. [ ص: 183 ]

وكان عبد الله رجلا صالحا صادق اللهجة كثير الحياء.

سمعت أبا بكر المروذي يقول لما حلف أبو عبد الله أن لا يحدث التفت إلى عبد الله ابنه فقال: وإن كان هذا يحب من الحديث ما يحب.

وسمعت حربا الكرماني يقول: خرج أبو عبد الله ليقرأ علي قال: أحسبه قال: كتاب الأشربة قال: فجاء عبد الله ابنه فقال: أليس وعدتني أن تقرأ علي وهو إذ ذاك غلام قال: فجعل أبو عبد الله يصبره قال: فبكى عبد الله قال: فقال لي: أبو عبد الله اصبر لي حتى أدخل أقرأ عليه قال: فدخل أبو عبد الله فقرأ عليه وخرج فلما قدمت من كرمان سألني عبد الله عن حرب وعما عنده من المسائل والأحكام والعلل وجعل يسألني عما جمعت من مسائل أبي عبد الله فقال لي: أنت أحوج إلى ديوان يعني لكثرتها.

فوقع لعبد الله عن أبيه مسائل جياد كثيرة يغرب منها بأشياء كثيرة في الأحكام فأما العلل فقد جود عنه وجاء عنه بما لم يجيء به غيره.

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي متى يجوز سماع الصبي في الحديث  قال: إذا عقل وضبط.

وسمعت أبي وسئل عن القراءة بالألحان؟  فقال: محدث.

وقرأت في كتاب أبي الحسين بن المنادي وذكر عبد الله ، وصالح فقال: كان صالح قليل الكتاب عن أبيه فأما عبد الله فلم يكن في الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفا سمع منها ثمانين ألفا والباقي وجادة وسمع الناسخ والمنسوخ والتاريخ وحديث شعبة والمقدم والمؤخر في كتاب الله وجوابات القرآن والمناسك الكبير والصغير وغير ذلك من التصانيف وحديث الشيوخ وما زلنا نرى الأكابر من شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء والكنى والمواظبة على طلب الحديث ويذكرون عن أسلافهم [ ص: 184 ] الإقرار له بذلك حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث عن أبيه وكان فيما بلغني يكره ذلك وما أشبهه فقال يوما فيما بلغني: كان أبي رحمه الله يعرف ألف ألف حديث يرد بذلك على قول المسرفين الذين يفضلونه في السماع على أبيه.

وقال عبد الله: كل شيء أقول قال أبي فقد سمعته مرتين وثلاثا وأقله مرة.

أنبأنا محمد بن أبي الصقر حدثنا هبة الله الشيرازي حدثنا علي بن طلحة أخبرنا سليمان الطبراني حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا أبي قال: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة فساق أهل السنة أولياء الله وزهاد أهل البدعة أعداء الله.  

التالي السابق


الخدمات العلمية