الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
352 - الفضل بن الحباب أبو خليفة الجمحي البصري .

حدث عن: أبي الوليد الطيالسي ، ومحمد بن كثير ، ومحمد بن سلام الجمحي ، وحكى عن إمامنا أشياء:

أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجي ، حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي البصري ، حدثنا أبو الوليد ، ومحمد بن كثير ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا وقال ابن كثير أوصى رجلا فقال: إذا أخذ مضجعه أن [ ص: 250 ] يقول: " اللهم وجهت وجهي إليك، وأسلمت نفسي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت " قال: " فإن مات مات على الفطرة   ".

وأنبأنا المبارك ، أخبرنا أبو الحسين المعدل ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: سمعت أبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة يقول: قدم علينا أحمد بن حنبل البصرة ليسمع من أبي الوليد الطيالسي سنة اثنتي عشرة إن شاء الله، فاستشرف له أهل البصرة ، فلقيه أبي وكان بينهما صحبة قديمة، فسأله أن يضيفه فأجابه، فأقام عندنا ثلاثة أيام، فكنت أذاكره بالليل كثيرا، فقلت له: يا أبا عبد الله سمعت شعبة بن الحجاج يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله، وعن الصلاة، وعن صلة الرحم، فهل أنتم منتهون؟ قال: فأطرق ساعة، ثم قال: أما نحن فلا نعرف هذا من أنفسنا، فإن كان شعبة يعرف من نفسه شيئا فهو أعلم.  

وأنبأنا عبد الرحمن بن منده ، أخبرنا محمد بن عبد العزيز الشيرازي بها أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن محمد بن الليث الصفار الشيرازي ، حدثنا علي بن أحمد بن جعفر قال: حضر رجل مجلس أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي فذكر أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه فقال: أبو خليفة: على أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضوان الله، فهو إمامنا ومن يقتدى به، ونقول بقوله، الواعي للعلم، المتقن لروايته، الصادق في حكايته، القيم بدين الله - عز وجل - ، المستن بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إمام المسلمين، والناصح لإخوانه من المؤمنين. فقال له الرجل: يا أبا خليفة ما تقول في قوله: القرآن كلام الله غير مخلوق؟  فقال: صدق والله في مقالته، وقمع كل بدعي بمعرفته، قوله الصواب، ومذهبه السداد، هو المأمون على كل الأحوال، والمقتدى به في جميع الفعال. فقال له الرجل: [ ص: 251 ] يا أبا خليفة فمن قال: القرآن مخلوق؟ قال: ذاك الرجل ضال مبتدع، ألعنه ديانة، وأهجره تقربا إلى الله - عز وجل - . بذلك قام أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه مقاما لم يقمه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين؛ فجزاه الله عن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء، ومات سنة سبع وثلاثمائة.

التالي السابق


الخدمات العلمية