الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز : إذ تصعدون   .

        1068 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، قال : " لما كان يوم أحد وانهزم الناس صعدوا في الجبل ، والرسول يدعوهم في أخراهم ، فقال الله عز وجل : إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم .

        1069 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : إذ تصعدون قال : صعدوا في أحد فرارا .

        1070 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا محمد بن رافع ، قال : حدثنا [ ص: 449 ] شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . [ح]

        -قال زكريا : وحدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا روح ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : فجعلوا يصعدون في الجبل ، والرسول يدعوهم في أخراهم .

        1071 - حدثنا علي ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء بن عازب يحدث قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير ، ووضعهم مكانا ، وقال لهم : إن رأيتمونا يتخطفنا الطير ، فلا تبرحوا مكانكم هذا ، حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم ، فلا تبرحوا ، حتى أرسل إليكم   .

        وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : مضى فيمن معه ، فهزمهم ، فأنا -والله- رأيت النساء يشتددن على الجبل ، قد بدت خلاخلهن وأسواقهن ، رافعات ثيابهن ، فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم ، فما تنتظرون ؟ ! . فقال : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! قالوا : إنا -والله- لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة ، فلما أتوهم ، صرفت وجوههم ، فأقبلوا منهزمين ، وذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم ، فلم يبق مع رسول الله غير اثني عشر رجلا ، فأصابوا منا سبعين ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا يوم بدر من المشركين أربعين ومائة ، سبعين أسيرا ، وسبعين قتيلا .

        [ ص: 450 ] فقال أبو سفيان : أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثلاث مرات ، ثم قال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثلاث مرات . ثم رجع إلى أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا ، فما ملك عمر نفسه . فقال : كذبت -والله- يا عدو الله ! إن الذين عددت لأحياء كلهم ، وقد بقي لك ما يسوءك ! .

        فقال : يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، إنكم ستجدون في القوم مثلة ، لم آمر بها ، ولم تسوؤني . ثم أخذ يرتجز ، اعل هبل ! ! اعل هبل ! ! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا : يا رسول الله ما نقول ؟ قال : قولوا : "الله أعلى وأجل "   . قال : إن لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه" ؟ ! فقالوا : يا رسول الله ما نقول ؟ ! قال : قولوا : "الله مولانا ولا مولى لكم
        " .

        قوله جل وعز : ولا تلوون على أحد .

        1072 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، قوله عز وجل : إذ تصعدون ولا تلوون على أحد " ذاكم يوم أحد صعدوا في الوادي فرارا ، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلي عباد الله [ ص: 451 ] .

        1073 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : إذ تصعدون " في الأرض " ، قال الحادي :-


        قد كنت تبكين على الإصعاد فاليوم سرحت وصاح الحادي

        .

        وأصل الإصعاد : الصعود في الجبل ، ثم جعلوه في الدرج ، ثم جعلوه في الارتفاع في الأرض ، أصعد فيها أي : تباعد   .

        وقال بعضهم في قوله عز وجل : إذ تصعدون ولا تلوون على أحد لأنك تقول : أصعد أي : مضى وسار ، وأصعد في الوادي انحدر فيه ، وأما صعد ، فارتقى .

        قوله جل وعز : والرسول يدعوكم في أخراكم .

        1074 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : والرسول يدعوكم في أخراكم أي عباد الله ارجعوا ! أي عباد الله ارجعوا ! [ ص: 452 ] .

        1075 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : والرسول يدعوكم في أخراكم قال : صعدوا في الوادي فرارا ، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم : إلي عباد الله .

        1076 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : أخراكم آخركم .

        قوله جل وعز : فأثابكم غما بغم .

        1077 - حدثنا النجار ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله جل وعز : غما بغم قال " الغم الأول : الجراح والقتل ، والغم الآخر : حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل . فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل ، وما كانوا يرجون من الغنيمة ، وذلك حين يقول : لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم .

        1078 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : فأثابكم غما بغم ، " كانوا يحدثون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أصيب ، وكان الغم الآخر قتل أصحابهم ، والجراحات التي أصابتهم ، ذكر لنا أنه قتل يومئذ سبعون رجلا [ ص: 453 ] .

        1079 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا روح ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فأثابكم غما بغم قال : فرة بعد الفرة الأولى ، حين سمعوا الصوت أن محمدا قد قتل ، فرجعوا الكفار فضربوهم مدبرين ، حتى قتلوا منهم سبعين رجلا ، ثم انحازوا إلى النبي ، فجلوا يصعدون في الجبل ، والرسول يدعوهم في أخراهم .

        وقال بعضهم في قوله عز وجل : فأثابكم غما بغم أي : على غم ، كما قال : في جذوع النخل ; أي : على جذوع النخل ، كما قال : ضربني في السيف ، يريد : بالسيف .

        قوله جل وعز : لكيلا تحزنوا على ما فاتكم .

        1080 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، قال : وقال غير مجاهد : فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من غنائم القوم ولا ما أصابكم في أنفسكم فأثابكم غما بغم لما انهزم المسلمون كانوا في هم وحزن ، حتى إذا جاء أبو سفيان فوقف هو وأصحابه بباب الشعب ، فظنوا أنهم سيميلون عليهم ، فيقتلونهم ، فأصابهم غم وهم ، وأنساهم غمهم الأول [ ص: 454 ] .

        قوله جل وعز : ولا ما أصابكم الآية

        1081 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة " لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من غنيمة القوم ولا ما أصابكم في أنفسكم من القتل والجراحات .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية