قوله جل وعز : الذين استجابوا لله والرسول   الآية 
 1184  - حدثنا  علي بن المبارك  ، قال : حدثنا زيد  ، قال : حدثنا ابن ثور  ، عن  ابن جريج   : الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح  ، أخبرت أن أبا سفيان  لما راح هو وأصحابه يوم أحد منقلبين ، قال المسلمون للنبي صلى الله عليه وسلم : إنهم عائدون إلى المدينة  يا رسول الله ، فقال :  "إن ركبوا الخيل ، وتركوا الأثقال ، فهم عامدوها ، وإن جلسوا على الأثقال ، وتركوا الخيل ، فقد أرعبهم الله ، فليسوا بعامديها " فركبوا الأثقال ، ثم ندب ناسا يتبعونهم ، ليروا أن بهم قوة ، فاتبعوهم ليلتين ، أو ثلاثا ، ومنهم من يقول : إلى ذي الحليفة  ، فلم يقاتلوهم إلا على إثرهم  ، فنزل : الذين استجابوا لله والرسول  حتى أجر عظيم  هم أيضا ، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم  الآية  [ ص: 494 ]  . 
 1185  - حدثنا حاتم بن منصور  ، قال : حدثنا الحميدي  ، قال : حدثنا سفيان  ، قال : حدثنا  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، قال : قالت لي  عائشة   : يا ابن أختي ، إن كان أبوك لمن الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح : أبو بكر  ،  والزبير بن العوام    . 
 1186  - حدثنا موسى  ، قال : حدثنا يحيى  ، قال : حدثنا يعقوب  ، عن جعفر  ، عن  سعيد بن جبير   : الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح  قال : الجراحات  . 
 1187  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، قال : حدثنا أحمد بن محمد  ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد  ، عن محمد بن إسحاق  ، قال : لما رجع أبو سفيان  ومن معه ، نادى : إن موعدكم بدرا للعام القابل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل : نعم ، هي بيننا وبينك موعد ! ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  علي بن أبي طالب    . 
-قال إبراهيم بن سعد   : وقد بلغني من غير  ابن إسحاق  أنه  سعد بن أبي وقاص   . 
[رجع إلى حديث  ابن إسحاق   ] فقال : اخرج في آثار القوم ، فانظر ما يصنعون ؟ وماذا يريدون ؟ فإن كانوا قد اجتنبوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، فإنهم يريدون مكة  ، وإن ركبوا الخيل ، وساقوا الإبل ، فإنهم  [ ص: 495 ] يريدون المدينة   . والذي نفسي بيده ، لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ، ثم لأناجزنهم ! . 
قال علي   : فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون ، فلما اجتنبوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، ووجهوا إلى مكة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أي ذلك كان ، فأخفه حتى تأتيني . 
قال علي   : فلما رأيتهم قد وجهوا إلى مكة  ، أقبلت أصيح ، ما أستطيع أن أكتم الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما بي من الفرح ، إذ رأيتهم انصرفوا عن المدينة   . 
وفرغ الناس لقتلاهم; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا علي  ، قال : حدثنا أحمد  ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد  ، عن  ابن إسحاق  ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني  ، أخو بني النجار   :  "من رجل ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع  ، وسعد أخو بني الحارث بن الخزرج  ، في الأحياء هو أو في الأموات ؟ "   . قال : فقال رجل من الأنصار : أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل ! . فنظر ، فوجده جريحا في القتلى ، به رمق ، قال : فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر له في الأحياء أنت ، أم في الأموات ؟ . فقال : بل في الأموات ! . أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام ، وقل : إن سعد بن الربيع  يقول : جزاك الله عنا خير ما جزي نبي عن أمته ، وأبلغ قومك عني السلام ، وقل لهم : إن سعد بن الربيع  يقول لكم :  [ ص: 496 ] إنه لا عذر لكم عند الله ، إن خلص إلى نبيكم ، ومنكم عين تطرف ! . قال : ثم لم يزل حتى مات . قال : فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره  . 
 1188  - قال محمد بن إسحاق   : وكان يوم أحد يوم السبت ، النصف من شوال  ، فلما كان الغد ، من غد يوم أحد ، وذلك يوم الأحد ، لست عشرة ليلة مضت من شوال ، أذن مؤذن رسول الله في الناس ، لطلب العدو ، وأذن مؤذنه : أن لا يخرجن معنا أحد ، إلا أحد حضرنا يومنا بالأمس ، فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام  ، فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي ، سبع ، وقال لي : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ، لا رجل فيهن ، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ، فتخلف على أخواتك ، فتخلفت عليهن . فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج معه . 
وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو ، وليبلغهم أنه قد خرج في طلبهم ، ليظنوا به قوة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم   . 
 1189  - فحدثنا علي  ، قال : حدثنا أحمد  ، قال : حدثنا إبراهيم  ، عن محمد بن إسحاق  ، قال : فحدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت  ، عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان  ، أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل  ، كان شهد [أحدا] مع رسول الله ، قال : شهدت  [ ص: 497 ]  [أحدا] مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخ لي ، فرجعنا جريحين ، فلما أذن مؤذن رسول الله بالخروج في طلب العدو ، قلت [لأخي] ، أو قال لي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله ؟ ! والله ما لنا من دابة نركبها ، وما منا إلا جريح ثقيل ! ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت أيسر جراح منه ، فكان إذا غلب حملته عقبة ، ومشى عقبة ، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد  ، -وهي من المدينة  على ثمانية أميال- فأقام بها ثلاثا ، الاثنين والثلاثاء والأربعاء ، ثم رجع إلى المدينة   . 
فكان ما نزل من القرآن في ذلك الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح  أي : الجراح . وهم المؤمنون الذين ساروا مع رسول الله يوم أحد إلى حمراء الأسد   على ما بهم من الجراح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					