الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
سورة النحل.

639 - قال أبو جعفر ، حدثنا يموت ، بإسناده عن ابن عباس ، قال: " وسورة النحل نزلت بمكة فهي مكية سوى ثلاث آيات من آخرها  فإنهن نزلن بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد وذلك أنه قتل حمزة بن عبد المطلب ومثل به المشركون  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بثلاثين منهم" فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله يا رسول الله لئن أظفرنا الله بهم لنمثلن بهم تمثيلا لم يمثل به أحد من العرب، فأنزل الله تعالى بين مكة والمدينة ثلاث آيات وهن قوله تعالى: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [ ص: 485 ] وما نزل بين مكة والمدينة فهو مدني " .

قال أبو جعفر: في هذه السورة موضعان يصلحان في هذا الكتاب أحدهما قوله تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا .

640 - قال أبو جعفر ، حدثنا أحمد بن محمد بن نافع ، قال: حدثنا سلمة ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا الثوري ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن سفيان ، عن ابن عباس ، أنه سئل عن هذه الآية، ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا  قال: "السكر ما حرم من ثمراتها والرزق [ ص: 486 ] الحسن ما حل من ثمراتها".

641 - قال عبد الرزاق ، وأخبرنا معمر ، عن قتادة ، تتخذون منه سكرا قال: "خمور الأعاجم ونسخت في سورة المائدة" قال: "والرزق الحسن ما ينتبذون ويخللون ويأكلون" .

قال أبو جعفر: والقول في أنها منسوخة يروى عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وإبراهيم النخعي ، وأبي رزين .

قال أبو جعفر: الحق في هذا أنه خبر لا يجوز فيه نسخ ولكن يتكلم العلماء بشيء فيتأول عليهم ما هو غلط لأن قول قتادة: "ونسخت يعني الخمر [ ص: 487 ] أي نسخت إباحتها والدليل على هذا" : 642 - أن سعيدا روى عن قتادة ، قال: نزلت هذه الآية: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا والخمر يومئذ حلال ثم أنزل الله بعد تحريمها في سورة المائدة .

قال أبو جعفر: وهذا قول حسن صحيح أخبر الله تعالى أنهم يفعلون هذا ونزل قبل تحريم الخمر  على أن جماعة من أهل العلم والنظر قالوا غير ما تقدم منهم أبو عبيدة قال السكر الطعم وقال غيره السكر ما سد الجوع مشتق من قولهم سكرت النهر أي سددته فتتخذون منه سكرا على هذا ما كان من العجوة والرطب وهو معنى قول أبي عبيدة إذا شرح والموضع الآخر قوله تعالى: وجادلهم بالتي هي أحسن من قال هو منسوخ قال نسخه الأمر بالقتال في سورة براءة ومن قال ليس بمنسوخ [ ص: 488 ] قال المجادلة بالتي هي أحسن هي الانتهاء إلى ما أمر الله تعالى به، وهذا لا ينسخ.

[ ص: 489 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية