الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقول محمد بن الحسن إن الضحية نسخت العقيقة قول لا دليل معه فيه والذي روي عن محمد بن علي نسخت الضحية كل ذبح معناه كل ذبح مكروه، فأما العقيقة فذبح مندوب إليه  كالضحية.

678 - كما قرئ على أحمد بن شعيب ، عن الحسين بن حريث ، قال: حدثنا الفضل وهو ابن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن ، والحسين" [ ص: 518 ] 679 - وفي حديث ابن عباس "بكبشين كبشين".

680 - وقرئ على محمد بن عمرو بن خالد ، عن أبيه، قال: حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن حبيبة ابنة ميسرة، عن أم كرز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عن الغلام، شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة" .  

قال أبو جعفر: فهذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله ثم الصحابة والتابعين فمن الصحابة ابن عباس ، وابن عمر ، وعبد الله بن [ ص: 519 ] عمرو ، وسمرة وفاطمة وعائشة ومن التابعين القاسم ، وعروة ، ويحيى الأنصاري ، وعطاء وقال مالك رحمه الله هو الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا [ ص: 520 ] وهو قول الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور إلا أن مالكا يقول شاة عن الغلام وشاة عن الجارية والشافعي وأصحاب الحديث على حديث أم كرز والحجة لمالك الحديث: 681 - "أن فاطمة رضي الله عنها عقت عن الحسن ، والحسين بكبشين" [ ص: 521 ] 682 - وأما الحسن البصري فإنه قال "العقيقة واجبة على الرجل إن لم يعق عنه عق عن نفسه"  وهي عند غيره بمنزلة الضحية مندوب إليها إلا أن أبا حنيفة قال الضحية واجبة على كل من وجد إليها سبيلا وعلى الرجل أن يضحي عن ولده، وخالفه أكثر أهل العلم واحتجوا بأن الله تعالى لم يوجبها في كتابه ولا [ ص: 522 ] أوجبها رسوله صلى الله عليه وسلم لأن حديث أبي بردة بن نيار يتأول فيه أنه أوجبها على نفسه وقد احتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: 683 - "من رأى هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي فلا يحلق له شعرا ولا يقلم له ظفرا"  فقوله صلى الله عليه وسلم فأراد يدل على أنه مخير إن شاء [ ص: 523 ] فعل وإن شاء لم يفعل 684 - وفي الحديث أن أبا بكر ، وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يضحيان مخافة أن يتوهم الناس أن ذلك واجب وكذا قول أبي مسعود ، وبلال ، وابن عمر خمسة من الصحابة لم يوجبوا الضحية [ ص: 524 ] قال زيد بن أسلم "متكافئتان مشتبهتان تذبحان جميعا" ، وقال أحمد: "مكافئتان متساويتان" وقال الأصمعي: "أصل العقيقة الشعر الذي يولد المولود وهو على رأسه وكذلك هو في البهائم فقيل عقيقة لأنها إذا ذبحت حلق ذلك الشعر" وأنكر أحمد هذا القول وقال: "الذبيحة العقيقة" .

قال أبو جعفر: والذي قال أحمد "لا يمتنع في اللغة لأنه يقال عق إذا قطع ومنه عق فلان والديه".

[ ص: 525 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية