وقد علم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم على ما أمرتم [ ص: 70 ] فلا يمتنع أن يكون ما أمرنا به من الإقساط إليهم وهو العدل فيهم، ومن برهم أي: الإحسان إليهم بوعظهم، أو غير ذلك من الإحسان ثابتا، فمن ذلك أنه قد أجمع العلماء: أن المعنى فهذا من الإحسان إليهم والعدل فيهم . أن العدو إذا بعد وجب أن لا يقاتل حتى يدعى ويعرض عليه الإسلام
875 - وقد روي عن، رضي الله عنه، أنه كان إذا غزا قوما إلى عمر بن عبد العزيز بلاد الروم أمرهم ألا يقاتلوا حتى يدعوا من عزموا على قتاله إلى الإسلام.
فهذا قول في كل من عزم على قتاله وهو مروي عن مالك بن أنس حذيفة وقول الحسن ، ، والنخعي وربيعة ، ، والزهري أنه: لا يدعى [ ص: 71 ] من بلغته الدعوة وهو قول والليث بن سعد ، الشافعي وأحمد ، وإسحاق.
والقول الثاني: إنها مخصوصة في المؤمنين الذين لم يهاجروا مطعون فيه؛ لأن أول السورة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء والكلام متصل فليس من آمن ولم يهاجر يكون عدوا لله وللمؤمنين .
والقول الثالث يرد بهذا فصح القول الرابع وفيه من الحجة أيضا أن بر المؤمن من بينه وبينه نسب أو قرابة من أهل الحرب غير منهي عنه ولا محرم؛ لأنه ليس في ذلك تقوية له ولا لأهل دينه بسلاح ولا كراع ولا فيه إظهار عورة للمسلمين .
والحجة الرابعة: أن تفسير الآية إذا جاء عن صحابي لم يسع أحدا مخالفته ولا سيما إذا كان مع قوله توقيف بسبب نزول الآية .
876 - قال وقد وجدنا هذا حدثنا أبو جعفر: أحمد بن محمد الأزدي ، قال: [ ص: 72 ] حدثنا إسماعيل بن يحيى ، قال: حدثنا ، عن محمد بن إدريس ، عن أنس بن عياض ، عن أبيه، هشام بن عروة قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد أسماء ابنة أبي بكر، قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة أفأصلها؟ قال: "نعم صلي أمك". عن
877 - حدثنا أحمد بن محمد ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني ، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج ، قال: حدثني ، عن عبد الله بن المبارك ، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، قال: عامر بن عبد الله بن الزبير قتيلة ابنة العزى بن أسعد على ابنتها ابنة أسماء أبي بكر بهدايا: سمن وتمر وقرظ، فأبت أن تقبلها ولم تدخلها منزلها فسألت لها عن ذلك [ ص: 73 ] فنزلت عائشة لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ". "قدمت
قال فقد بان ما قلنا بهذين الحديثين وبما ذكرناه من الحجج . أبو جعفر:
[ ص: 74 ]