الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر النوع السابع من معرفة أنواع الحديث

النوع السابع من هذا العلم معرفة الصحابة على مراتبهم.  

فأولهم: قوم أسلموا بمكة مثل أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وغيرهم رضي الله عنهم.

[ ص: 159 ] ولا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أولهم إسلاما، وإنما اختلفوا في بلوغه.

[ ص: 160 ] والصحيح عند الجماعة: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أول من أسلم من الرجال البالغين،  لحديث عمرو بن عبسة أنه قال: يا رسول الله، من تبعك على هذا الأمر؟ قال: "حر وعبد" ، وإذا معه أبو بكر ، وبلال رضي الله عنهما.  

والطبقة الثانية من الصحابة:

أصحاب دار الندوة، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم، وأظهر إسلامه، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الندوة، فبايعه جماعة من أهل مكة.

والطبقة الثالثة من الصحابة:

المهاجرة إلى الحبشة.

والطبقة الرابعة من الصحابة:

الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله عند العقبة، يقال فلان عقبي، وفلان عقبي.

والطبقة الخامسة من الصحابة:

أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار رضي الله عنهم.

والطبقة السادسة:

أول المهاجرين، الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، قبل أن يدخل المدينة، ويبنى المسجد.

[ ص: 161 ] والطبقة السابعة:

أهل بدر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم: " لعل الله عز وجل قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم " .

والطبقة الثامنة:

المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية.

والطبقة التاسعة: [ ص: 162 ] أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة وكانت بيعة الرضوان بالحديبية، لما صد رسول الله صلى الله عليه وآله، عن العمرة وصالح كفار قريش على أن يعتمر من العام المقبل، والحديبية بئر، وكانت الشجرة بالقرب من البئر، ثم إن الشجرة فقدت بعد ذلك فلم توجد، ويقال: إن السيول ذهبت بها.

قال سعيد بن المسيب: سمعت أبي، وكان من أصحاب الشجرة يقول: "قد طلبناها غير مرة فلم نجدها".

فأما ما يذكره عوام الحجيج أنها شجرة بين منى ومكة، فإنه خطأ فاحش.

[ ص: 163 ] والطبقة العاشرة من الصحابة:

المهاجرة بين الحديبية والفتح منهم خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وأبو هريرة وغيرهم، وفيهم كثرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غنم خيبر قصدوه من كل ناحية مهاجرين، فكان صلى الله عليه وآله يعطيهم.

والطبقة الحادية عشرة:

فهم الذين أسلموا يوم الفتح، وهم جماعة من قريش منهم من أسلم طائعا.

ومنهم من اتقى السيف، ثم تغير، والله عز وجل عالم بما أضمروا واعتقدوا.

ثم الطبقة الثانية عشرة:

صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح، وفي حجة الوداع وغيرها، وعدادهم في الصحابة.

[ ص: 164 ] منهم :

السائب بن يزيد ، وعبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير ، فإنهما قدما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا لهما، ولجماعة يطول الكتاب بذكرهم.

ومنهم:

أبو الطفيل عامر بن واثلة ، وأبو جحيفة وهب بن عبد الله فإنهما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف وعند زمزم.

وقد صحت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "لا هجرة بعد الفتح، وإنما هو جهاد ونية" .

[ ص: 165 ] هذا باب لو استقصيت فيه بأسانيد وروايات لصار كتابا على حدة، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تفرقوا وسكنوا بلادا شاسعة، وماتوا في أماكن شتى.

وهذا الباب يجمع أنواعا من العلوم، غير أني دللت على كل نوع منه على ما حضرني في الوقت

ومن تبحر في معرفة الصحابة فهو حافظ كامل الحفظ، فقد رأيت جماعة من مشايخنا يروون الحديث المرسل عن تابعي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوهمونه صحابيا، وربما رووا المسند، عن صحابي فيتوهمونه تابعيا.

[ ص: 166 ] [ ص: 167 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية