الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الخامس عشر [1] : أن النصارى أثبتوا أقانيم وقالوا : إنها ثلاثة [2] جواهر يجمعها جوهر واحد ، وإن كل واحد إله [3] يخلق ويرزق ، والمتحد بالمسيح هو أقنوم الكلمة والعلم وهو الابن . وهذا القول متناقض في نفسه ، فإن المتحد إن كان صفة فالصفة لا تخلق ولا ترزق ، وهي أيضا لا تفارق الموصوف ، وإن كان هو الموصوف فهو الجوهر الواحد وهو الأب [4] فيكون المسيح هو الأب ، وليس هذا قولهم ، [ ص: 498 ] فأين [5] هذا ممن يقول : الإله [6] واحد وله الأسماء الحسنى الدالة على صفاته العلى [7] ولا يخلق غيره ولا يعبد سواه ؟ ! فبين المذهبين من الفرق أعظم مما بين [8] القدم والفرق .

                  ومما افترته الجهمية على المثبتة أن ابن كلاب لما كان من المثبتين للصفات وصنف الكتب في الرد على النفاة وضعوا على أخته حكاية أنها كانت [9] نصرانية وأنه لما أسلم هجرته ، فقال لها : يا أختي إني أريد أن أفسد دين المسلمين ، فرضيت عنه لذلك [10] .

                  ومقصود المفتري بهذه [11] الحكاية أن يجعل قوله بإثبات الصفات هو قول النصارى ، وأخذ هذه الحكاية [ بعض السالمية و ] [12] بعض أهل الحديث والسنة يذم بها ابن كلاب لما أحدثه [13] من القول في مسألة القرآن ، ولم يعلم أن الذين عابوه بها [14] هم أبعد عن الحق في مسألة القرآن وغيرها منه ، وأنهم عابوه بما تمدح أنت قائله [15] . وعيب ابن [ ص: 499 ] كلاب عندك كونه لم يكمل القول به [16] ، بل بقيت عليه [ بقية ] [17] من كلامهم .

                  وهذا نظير ما عمله ابن عقيل في مسألة القرآن ، فإنه أخذ كلام المعتزلة الذي طعنوا به على الأشعرية في كونهم يقولون : هذا القرآن ليس كلام الله بل عبارة عنه ، فطعن به هو [18] على الأشعرية . [ ومقصود المعتزلة بذلك إثبات أن القرآن مخلوق ، والأشعرية ] [19] خير منهم [20] في نفي الخلق عن القرآن ، ولكن عيبهم [ في ] تقصيرهم في إكمال السنة [21] .

                  [ وكذلك بعض أهل الحديث السالمية المصنفين في مثالب ابن كلاب والأشعري وابن كرام ذكروا حكايات بعضها كذب قطعا ، وهي مما وضعته المعتزلة أعداء هؤلاء عليهم ، لكونهم يثبتون الصفات والقدر ، فجاء هؤلاء فذكروا تلك الحكايات ، ومقصودهم التنفير عما اعتقدوا في أقوالهم من الخطاء ، وتلك الحكايات وضعها من هو أبعد عن السنة منهم . وكذلك السالمية أتباع الشيخ أبي الحسن بن سالم هم في غالب أصولهم على قول أهل السنة والجماعة ، لكن لما وقع في بعض أقوالهم من الخطاء زاد في الرد عليهم من صنف في الرد عليهم ، حتى رد عليهم قطعة مما قالوه من الحق ] [22] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية