وحينئذ فالجواب في هذا المقام من وجوه : أحدها : أن هذا إنما يكون انقطاعا لو كان الاحتجاج بالقدر سائغا [1] ، فأما إذا كان الاحتجاج بالقدر باطلا بطلانا ضروريا مستقرا [2] في [ جميع ] [3] الفطر والعقول ، لم يكن هذا السؤال متوجها ، وذلك [4] أنه [5] من المستقر في فطر الناس وعقولهم أنه من طلب منه فعل من الأفعال الاختيارية [6] لم يكن له أن يحتج بمثل هذا ، ومن طلب دينا له [7] على آخر لم يكن له أن يقول : لا أعطيك [8] حتى يخلق الله في العطاء ، ومن أمر عبده بأمر [9] لم يكن له أن يقول : لا أفعله حتى يخلق الله في فعله ، ومن [ ص: 66 ] ابتاع شيئا وطلب [10] منه الثمن ، لم يكن له أن يقول : لا أقضيه حتى يخلق الله في القضاء أو القدرة [11] على هذا .
وهذا أمر جبل [ الله ] عليه الناس كلهم [12] ، مسلمهم وكافرهم ، مقرهم بالقدر ومنكرهم له ، ولا يخطر ببال أحد منهم الاعتراض بمثل هذا ، مع اعترافهم بالقدر ، فإذا كان هذا الاعتراض [13] معروف الفساد في بدائه [14] العقول ، ولم يكن لأحد أن يحتج به على الرسول .