الوجه الخامس : أن يقال : لفظ الموجب [1] بالذات لفظ فيه إجمال ، فإن عني به ما يعنيه الفلاسفة [2] من أنه علة تامة مستلزمة [3] للعالم فهذا باطل ; لأن [4] عن علة تامة أزلية ، وهذا خلاف المحسوس . العلة التامة تستلزم معلولها ، ولو كان العالم معلولا لازما لعلة أزلية لم يكن فيه حوادث ، فإن الحوادث لا تحدث
[ ص: 275 ] وسواء قيل : إن تلك العلة التامة ذات مجردة عن الصفات ، كما يقوله نفاة الصفات من المتفلسفة وأمثاله ، أو قيل : إنه ذات كابن سينا [5] موصوفة بالصفات لكنها مستلزمة لمعلولها - فإنه باطل أيضا [6] .
وإن [7] فسر الموجب بالذات بأنه يوجب [8] بمشيئته وقدرته كل واحد [ واحد ] [9] من المخلوقات في الوقت الذي أحدثه فيه [10] ، فهذا دين المسلمين وغيرهم من أهل الملل ومذهب أهل السنة . فإذا قالوا : إنه بمشيئته وقدرته يوجب [11] أفعال العباد وغيرها [12] من الحوادث [ فهو ] [13] موافق لهذا المعنى لا للمعنى الذي قالته الدهرية .