أعظم بكثير من شرك وشرك هؤلاء المتفلسفة وتعطيلهم القدرية وتعطيلهم ، فإن هؤلاء يجعلون [1] الفلك هو المحدث للحوادث التي في الأرض كلها ، فلم يجعلوا لله شيئا أحدثه ، [2] بخلاف القدرية فإنهم أخرجوا عن إحداثه أفعال الحيوان وما تولد عنها . فقد لزمهم التعطيل من إثبات حوادث بلا محدث وتعطيل الرب عن [3] إحداث شيء من الحوادث ، وإثبات شريك فعل جميع الحوادث .
[ ص: 283 ] ومن العجب أنهم ينكرون على القدرية [ وغيرهم ] [4] قولهم : إن الرب ما زال عاطلا عن الفعل حتى أحدث العالم ، وهم يقولون : ما زال ولا يزال معطلا عن الإحداث ، بل عن الفعل ، فإن ما لزم ذاته كالعقل [5] والفلك ليس هو في الحقيقة فعلا له ؛ إذ الفعل لا يفعل [6] إلا شيئا بعد شيء ، فأما ما لزم الذات [7] فهو من باب الصفات بمنزلة لون [8] الإنسان وطوله ، فإنه يمتنع أن يكون فعلا له ، بخلاف حركاته [9] فإنها فعل له ، وإن قدر أنه لم يزل متحركا كما يقال في نفس الإنسان [10] : إنها لم تزل تتحول [11] من حال إلى حال ، وإن القلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا [12] - فكون [13] الفاعل الذي هو في نفسه يقوم به فعله [14] يحدث شيئا بعد شيء معقول ، [15] بخلاف ما لزمه لازم يقارنه في الأزل ، فهذا لا يعقل أن يكون مفعولا له .
فتبين أنهم في الحقيقة لا يثبتون للرب فعلا أصلا ، فهم معطلة حقا [ ص: 284 ] وأرسطو وأتباعه إنما أثبتوا [16] العلة الأولى من جهة كونها [17] علة غائية ، [18] كحركة الفلك ، فإن حركة الفلك عندهم بالاختيار كحركة الإنسان ، والحركة الاختيارية لا بد لها من مراد ، فيكون هو مطلوبها .
[ ومعنى ذلك عندهم أن الفلك يتحرك للتشبه [19] بالعلة الأولى كحركة المؤتم بإمامه والمقتدي [20] بقدوته ، وهذا معنى تشبيهه بحركة المعشوق للعاشق ، ليس المعنى أن ذات الله محركة للفلك ، إنما مرادهم أن مراد الفلك أن يكون مثله بحسب الإمكان ، وهذا باطل من وجوه لبسطها موضع آخر ] [21] .
فقالوا : إن العلة الأولى وهي [22] التي يتحرك الفلك لأجلها [23] علة له تحركه [24] كما تحرك العاشق للمعشوق [25] بمنزلة الرجل الذي اشتهى طعاما [26] ، فمد يده إليه أو رأى من يحبه ، فسعى إليه - فذاك [27] المحبوب هو المحرك ؛ لكون المتحرك أحبه ، لا لكونه أبدع الحركة ولا فعلها .
[ ص: 285 ] وحينئذ فلا يكون [28] قد أثبتوا لحركة الفلك محدثا أحدثها غير الفلك ، كما [ لم ] [29] تثبت القدرية لأفعال الحيوان محدثا أحدثها [30] غير الحيوان ؛ ولهذا كان الفلك عندهم حيوانا كبيرا ، بل يقولون : إن الفلك يتحرك للتشبه [31] بالعلة الأولى ؛ لأن [32] العلة الأولى معبودة له محبوبة له .
ولهذا قالوا : إن الفلسفة هي التشبه بالإله [33] على حسب الطاقة . ففي الحقيقة ليس عندهم الرب : لا إلها للعالم [34] ولا ربا للعالمين [ بل [35] غاية ما يثبتونه أنه [36] يكون شرطا في وجود العالم ] [37] وأن كمال المخلوق في أن يكون متشبها به ، [38] فهذا هو الألوهية عندهم ، وذلك هو الربوبية [39] ؛ ولهذا كان قولهم شرا من قول اليهود والنصارى ، وهم أبعد عن المعقول والمنقول منهم ، كما قد بسط في غير هذا الموضع [40] .
[ ص: 286 ] فتبين أن هؤلاء آدم ؛ ولهذا يضيفون الحوادث إلى الطبائع التي في الأجسام ، فإنها المتفلسفة قدرية في جميع حوادث العالم ، وأنهم من أضل بني [41] بمنزلة القوى التي في الحيوان ، فيجعلون كل محدث فاعلا مستقلا ، كالحيوان عند القدرية ، ولا يثبتون محدثا للحوادث [42] .
وحقيقة قول القوم [43] الجحود لكون الله رب العالمين ، [44] ( 4 فلا يثبتون أن يكون الله رب العالمين 4 ) [45] ، بل غايتهم [46] أن يجعلوه [47] شرطا في وجود العالم ، وفي التحقيق هم معطلة لكون الله رب العالمين ، كقول من قال : إن الفلك واجب الوجود [ بنفسه ] [48] منهم .
لكن هؤلاء أثبتوا علة [49] إما غائية عند قدمائهم ، وإما فاعلية عند متأخريهم ، وعند التحقيق لا حقيقة لما أثبتوه [50] ؛ ولهذا أنكره الطبائعيون [51] منهم .
وإذا قدر أن الفلك يتحرك باختياره من غير أن يكون الله خالقا لحركته ، فلا دليل على [52] أن المحرك له علة [53] معشوقة يتشبه بها ، بل يجوز [ ص: 287 ] أن يكون المتحرك هو المحرك ، كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع ، وتبين [54] الكلام على [ بطلان ] ما ذكره [55] أرسطو في العلم الإلهي من وجوه متعددة ، وأن هؤلاء من أجهل الناس بالله [ عز وجل ] . [56]
ومن دخل في أهل الملل [ منهم ] [57] كالمنتسبين إلى الإسلام كالفارابي ونحوهما من ملاحدة وابن سينا [58] المسلمين ، وموسى بن ميمون ونحوه من ملاحدة اليهود ، ومتى ويحيى بن عدي ونحوهما من ملاحدة النصارى - فهم مع كونهم من ملاحدة أهل الملل ، فهم أصح عقلا [59] ونظرا في العلم الإلهي من المشائين كأرسطو وأتباعه ، وإن كان لأولئك من تفصيل الأمور الطبيعية والرياضية أمور كثيرة سبقوا هؤلاء إليها [60] .
فالمقصود هنا أن الأمور الإلهية أولئك أجهل بها وأضل فيها ، [61] فإن هؤلاء حصل لهم نوع ما من نور أهل الملل وعقولهم [62] وهداهم ، فصاروا به أقل ظلمة من أولئك ؛ ولهذا عن طريقة سلفه في إثبات العلة الأولى ، وسلك الطريقة المعروفة له [ في تقسيم الوجود إلى واجب وممكن ، وأن الممكن مستلزم للواجب ابن سينا . عدل
[ ص: 288 ] وهذه الطريقة هي المعروفة له ] [63] ولمن اتبعه كالسهروردي [64] المقتول ونحوه من الفلاسفة ، [ وأبي حامد ] والرازي [65] والآمدي وغيرهم [66] من متأخري [ أهل ] الكلام ، [67] الذين خلطوا الفلسفة بالكلام .
[ وهؤلاء المتكلمون المتأخرون الذين خلطوا الفلسفة بالكلام ] [68] : ( * كثر [69] اضطرابهم وشكوكهم وحيرتهم بحسب ما ازدادوا به من ظلمة هؤلاء [70] المتفلسفة الذين خلطوا الفلسفة بالكلام * ) [71] فأولئك قلت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أهل الملل ، وهؤلاء كثرت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أولئك المتفلسفة .
هذا مع أن في المتكلمين من أهل الملل من الاضطراب والشك في أشياء ، والخروج عن الحق في مواضع ، واتباع الأهواء [72] في مواضع ، والتقصير في الحق في مواضع - ما ذمهم لأجله علماء الملة وأئمة الدين ، [73] فإنهم قصروا في [74] معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه ، فعدلوا [ ص: 289 ] عنها إلى طرق [75] أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك [ بينهم وبين غيرهم ] [76] ، ودخلوا في بعض الباطل المبتدع ، [77] وأخرجوا من [78] التوحيد ما هو منه كتوحيد الإلهية ، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته ، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية ، وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه [79] .
وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله [ سورة لقمان : 25 ] وقال تعالى : قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله الآيات [80] [ سورة المؤمنون : 86 ، 87 ] .
وقال عنهم وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [ سورة يوسف : 106 ] .
قال طائفة من السلف : يقول لهم [81] من خلق السماوات والأرض ؟ فيقولون : الله ، وهم مع هذا [82] يعبدون غيره .
وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو ، المتضمن [ ص: 290 ] لتوحيد توحيد الألوهية [83] الربوبية ، بأن يعبد الله وحده لا يشركون به شيئا ، [84] فيكون الدين كله لله ، ولا يخاف إلا الله ، ولا يدعى [85] إلا الله ، ويكون الله أحب إلى العبد [86] من كل شيء ، فيحبون لله ، ويبغضون لله ، ويعبدون الله ويتوكلون عليه [87] .
والعبادة تجمع غاية الحب وغاية الذل ، [88] فيحبون الله بأكمل محبة ، ويذلون له [89] أكمل ذل ، ولا يعدلون به ، ولا يجعلون له أندادا ، ولا يتخذون من دونه أولياء ولا شفعاء .
كما قد بين القرآن هذا التوحيد في غير موضع ، وهو قطب رحى القرآن الذي يدور عليه [ القرآن ] [90] وهو يتضمن التوحيد في العلم والقول ، والتوحيد في الإرادة والعمل .
فالأول كما في قوله تعالى : قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [ سورة الإخلاص ] . ولهذا كانت هذه السورة تعدل ثلث القرآن ؛ لأنها صفة الرحمن .
والقرآن ثلثه توحيد ، وثلثه قصص ، وثلثه أمر ونهي ؛ لأنه كلام الله ، والكلام إما إنشاء وإما إخبار ، والإخبار إما عن الخالق وإما عن [ ص: 291 ] المخلوق ، فصار ثلاثة أجزاء : جزء أمر ونهي وإباحة وهو الإنشاء ، وجزء إخبار عن المخلوقين [91] ، وجزء إخبار عن الخالق ، ف " قل هو الله أحد " صفة الرحمن [ محضا ] [92] .
[ وقد بسطنا الكلام على تحقيق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها تعدل ثلث القرآن [93] في مجلد [94] ، وفي تفسيرها في مجلد آخر [95] ] [96] .
و [ أما ] التوحيد في [ العبادة و ] الإرادة والعمل [97] فكما في سورة : قل ياأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين [ سورة .
[ ص: 292 ] الكافرون ] . فالتوحيد [ الأول ] [98] يتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى وما تتضمنه من صفاته ، و [ الثاني ] : يتضمن [99] إخلاص الدين له كما قال : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين [ سورة البينة : 5 ] فالأول براءة من التعطيل ، والثاني براءة من الشرك [100] وأصل الشرك [101] : إما التعطيل [102] مثل تعطيل [103] فرعون موسى ، والذي حاج إبراهيم في ربه خصم إبراهيم ، [104] والدجال مسيح الضلال خصم مسيح الهدى عيسى بن مريم [ صلى الله عليه وسلم ] [105] ، وإما الإشراك وهو كثير في الأمم أكثر من التعطيل ، وأهله خصوم جمهور [106] الأنبياء .
وفي خصوم إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - معطلة ومشركة ، لكن التعطيل المحض [ للذات ] [107] قليل ، وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال ، وهو مستلزم لتعطيل الذات ، فإنهم يصفون واجب الوجود بما يوجب [108] أن يكون ممتنع الوجود .
[ ص: 293 ] ثم إنه [ كل ] من كان [109] إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] [110] وأصحابه والتابعين لهم بإحسان أقرب ، كان أقرب إلى كمال التوحيد والإيمان والعقل والعرفان ، وكل من كان عنهم أبعد كان عن ذلك أبعد ، [111] فمتأخرو متكلمة الإثبات الذين [112] خلطوا الكلام بالفلسفة كالرازي والآمدي ونحوهما هم [ دون وأمثاله في تقرير التوحيد وإثبات صفات الكمال ، أبي المعالي الجويني وأبو المعالي وأمثاله دون القاضي أبي بكر بن الطيب [113] وأمثاله ] [114] في ذلك ، وهؤلاء دون في ذلك ، أبي الحسن الأشعري في ذلك دون والأشعري أبي محمد [115] بن كلاب ، دون السلف والأئمة في ذلك . وابن كلاب
ومتكلمة أهل الإثبات الذين يقرون بالقدر هم خير في التوحيد وإثبات صفات [ الكمال ] [116] من القدرية من المعتزلة والشيعة وغيرهم ؛ [117] لأن أهل الإثبات يثبتون لله كمال القدرة وكمال المشيئة وكمال الخلق وأنه منفرد [ ص: 294 ] بذلك ، فيقولون : إنه وحده [118] خالق كل شيء من الأعيان والأعراض ؛ ولهذا جعلوا أخص صفة الرب القدرة على الاختراع ، والتحقيق أن القدرة على الاختراع من جملة خصائصه ، ليست هي وحدها أخص [119] صفاته .
وأولئك يخرجون أفعال [120] الحيوان عن أن تكون مخلوقة له ، وحقيقة قولهم [121] تعطيل هذه الحوادث عن خالق لها ، وإثبات شركاء لله يفعلونها [ وكثير من متأخرة القدرية يقولون : إن العباد خالقون لها ، ولم يكن سلفهم يجترئون على ذلك [122] ] [123] .
وأيضا فمتكلمة أهل [ الإثبات ] [124] يثبتون لله صفات الكمال كالحياة [125] والعلم والقدرة والكلام [126] والسمع والبصر .
وهؤلاء يثبتون [127] ذلك لكن قصروا في بعض صفات الكمال ، وقصروا في التوحيد ، فظنوا أن كمال التوحيد هو توحيد الربوبية ، ولم يصعدوا إلى توحيد الإلهية الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب .
[ ص: 295 ] وذلك أن كثيرا من كلامهم أخذوه من كلام المعتزلة ، والمعتزلة مقصرون في هذا الباب ، فإنهم لم يوفوا توحيد [128] الربوبية حقه ، فكيف بتوحيد الإلهية .
ومع هذا فأئمة المعتزلة وشيوخهم وأئمة الأشعرية والكرامية ونحوهم خير في تقرير توحيد الربوبية من متفلسفة الأشعرية كالرازي والآمدي وأمثال هؤلاء ، فإن هؤلاء خلطوا ذلك بتوحيد الفلاسفة كابن سينا [129] وأمثاله ، وهو أبعد الكلام عن التحقيق في التوحيد ، وإن كان خيرا من كلام قدمائهم أرسطو وذويه .
وذلك أن غايتهم أنهم أثبتوا [130] واجب الوجود ، وهذا حق لم ينازع [131] فيه لا معطل ولا مشرك ، [132] بل الناس متفقون على إثبات وجود واجب ، اللهم إلا ما يحكى عن بعض الناس ، قال : إن هذا العالم حدث [133] بنفسه ، وكثير من الناس يقولون : [ إن ] هذا [134] لم تقله طائفة معروفة ، وإنما يقدر تقديرا كما تقدر الشبه [135] السوفسطائية ليبحث عنها ، [136] وهذا مما يخطر [137] في قلوب [ ص: 296 ] بعض الناس ، كما يخطر أمثاله من السفسطة ، لا أنه قول معروف لطائفة [ معروفة ] [138] يذبون عنه ، فإن ظهور فساده أبين من أن يحتاج إلى دليل ، إذ حدوث الحوادث بلا محدث من أظهر الأمور امتناعا ، والعلم بذلك من أبين العلوم الضرورية .
ثم إنهم لما قرروا واجبا [ بذاته ] [139] أرادوا أن يجعلوه واحدا وحده ، لا يوجد [140] إلا في الأذهان لا في الأعيان ، وهو وجود مطلق بشرط الإطلاق ، ليس له حقيقة [ في الخارج ؛ لأن ] الوجود [141] المطلق بشرط الإطلاق [ لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان ] [142] أو مقيدا [143] بالسلوب والإضافات ، كما يقوله وأتباعه [ وهذا أدخل في التعطيل من الأول ] ابن سينا [144] .
وزعموا أن هذا هو محض التوحيد [145] مضاهاة للمعتزلة الذين شاركوهم في نفي الصفات ، وسموا ذلك توحيدا ، فصاروا يتباهون في التعطيل الذي سموه [146] توحيدا أيهم فيه أحذق [147] حتى فروعهم تباهوا بذلك ، [148] [ ص: 297 ] كتباهيهم : كابن سبعين وأمثاله من أتباع الفلاسفة ، وابن التومرت [149] وأمثاله من أتباع الجهمية ، [ فهذا يقول بالوجود المطلق ] [150] وهذا يقول [151] بالوجود المطلق ، وأتباع كل منهما يباهون [ أتباع ] الآخرين [152] في الحذق في هذا التعطيل .
كما [ قد ] اجتمع بي [153] طوائف من هؤلاء وخاطبتهم في ذلك وصنفت لهم مصنفات في كشف أسرارهم ومعرفة توحيدهم وبيان فساده ، فإنهم يظنون أن الناس لا يفهمون كلامهم ، فقالوا لي : إن لم [ تبين و ] تكشف [154] لنا [155] حقيقة هذا الكلام الذي قالوه ، ثم تبين فساده وإلا لم [ ص: 298 ] نقبل [156] ما يقال من رده ، فكشفت لهم حقائق مقاصدهم ، فاعترفوا بأن ذلك هو المراد ، ووافقهم على ذلك رءوسهم ، ثم بينت ما في ذلك من الفساد والإلحاد ، حتى رجعوا وصاروا يصنفون في كشف باطل سلفهم الملحدين ، الذين كانوا عندهم أئمة التحقيق والتوحيد ، والعرفان واليقين .