[ ص: 340 ] فصل
قال الرافضي [1] : وذهبت [2] الأشاعرة إلى أن الله يرى [3] بالعين ، مع أنه مجرد من الجهات . وقد قال الله تعالى [4] : لا تدركه الأبصار [ سورة الأنعام : 103 ] وخالفوا الضرورة من أن المدرك [5] بالعين يكون مقابلا أو في حكمه ، وخالفوا جميع العقلاء في ذلك ، وذهبوا إلى تجويز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء مختلفة الألوان لا [6] نشاهدها ، وأصوات [7] هائلة لا نسمعها ، وعساكر مختلفة متحاربة بأنواع الأسلحة ، بحيث تماس [8] أجسامنا أجسامهم [9] ، لا [10] نشاهد صورهم ولا حركاتهم [11] ، ولا نسمع أصواتهم الهائلة ، وأن نشاهد [ ص: 341 ] جسما أصغر الأجسام كالذرة في المشرق ونحن في المغرب ، مع كثرة الحائل بيننا وبينها ، وهذا هو السفسطة [12] .
فيقال له : [13] الكلام على هذا من وجوه :
أحدها : أن يقال : أما [14] فهو قول سلف الأمة وأئمتها ، وجماهير المسلمين من أهل المذاهب الأربعة وغيرها . وقد تواترت فيه الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند علماء الحديث ، وجمهور القائلين بالرؤية يقولون : يرى عيانا مواجهة ، كما هو المعروف بالعقل . إثبات رؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " [15] - يوم القيامة كما ترون الشمس والقمر [16] لا تضامون في رؤيته . " وفي لفظ إنكم سترون ربكم - عز وجل [17] : " " ، وفي لفظ : " كما ترون الشمس والقمر صحوا [18] ربكم كما ترون الشمس والقمر هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فهل تضارون في رؤية القمر صحوا ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فإنكم ترون [19] .
[ ص: 342 ] وإذا كان كذلك فتقدير أن يكون [20] أخطأوا في بعض أحكامها ، لم يكن ذلك قدحا في مذهب أهل السنة والجماعة ، فإنا لا ندعي العصمة لكل صنف منهم ، وإنما ندعي أنهم لا يتفقون على ضلالة ، وأن كل مسألة اختلف فيها أهل السنة والجماعة بعض أهل السنة المثبتين للرؤية والرافضة [21] فالصواب فيها مع أهل السنة ، وحيث تصيب الرافضة فلا بد أن يوافقهم على الصواب بعض أهل السنة ، وللروافض خطأ [22] لا يوافقهم أحد عليه من أهل السنة ، وليس للرافضة مسألة واحدة لا يوافقهم فيها أحد انفردوا بها عن جميع أهل السنة والجماعة [23] إلا وهم مخطئون فيها [24] كإمامة الإثني عشر [25] وعصمتهم .