الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه السابع : [1] قوله : " وأهملوا أقاويل الصحابة " كذب منه ، بل كتب أرباب المذاهب مشحونة بنقل أقاويل الصحابة والاستدلال بها ، وإن كان عند كل طائفة منها ما ليس عند الأخرى . وإن قال : أردت [2] بذلك أنهم لا يقولون : مذهب أبي بكر وعمر ونحو ذلك ، فسبب ذلك أن الواحد من هؤلاء جمع الآثار وما استنبطه منها ، فأضيف ذلك إليه ، كما تضاف كتب الحديث إلى من جمعها ، كالبخاري ومسلم وأبي داود ، وكما تضاف القراءات إلى من اختارها كنافع وابن كثير .

                  وغالب ما يقوله هؤلاء منقول عمن قبلهم ، وفي قول بعضهم ما ليس منقولا عمن [3] ، قبله لكنه [4] استنبطه من تلك الأصول . ثم قد [5] جاء بعده من تعقب أقواله [6] فبين منها ما كان خطأ عنده [7] ، كل ذلك حفظا لهذا الدين ، حتى يكون أهله كما وصفهم الله به : [ ص: 411 ] ( يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) [ سورة التوبة : 71 ] ، فمتى وقع من أحدهم منكر خطأ أو عمدا أنكره عليه غيره .

                  وليس العلماء بأكثر من الأنبياء ، وقد قال تعالى : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ) [ سورة الأنبياء : 78 ، 79 ] .

                  وثبت في الصحيحين عن [ ابن عمر - رضي الله عنهما - أن ] [8] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [9] لأصحابه عام الخندق : " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ; فأدركتهم صلاة العصر [10] في الطريق ، فقال بعضهم : لم يرد منا تفويت الصلاة ، فصلوا في الطريق . وقال بعضهم : لا نصلي إلا في بني قريظة فصلوا العصر بعد ما غربت الشمس ، فما عنف واحدة [11] من الطائفتين " . [12] فهذا دليل على أن [ ص: 412 ] المجتهدين يتنازعون في فهم كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [13] وليس كل واحد منهم آثما [14] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية