الوجه السادس : أن يقال : هذه الحجة التي احتج بها هذا
[1] .
الطوسي على أن
الإمامية هم
[2] . الفرقة الناجية كذب في
[3] . وصفها ، كما هي باطلة في دلاتها . وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28833قوله : " باينوا جميع المذاهب ، وجميع المذاهب قد اشتركت في أصول العقائد " . إن أراد بذلك أنهم باينوا جميع المذاهب فيما اختصوا به ، فهذا شأن جميع المذاهب ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28832الخوارج أيضا باينوا جميع المذاهب فيما اختصوا به من التكفير
[4] . بالذنوب ، ومن تكفير
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - ومن إسقاط طاعة الرسول فيما [ لم ]
[5] . يخبر به عن الله ، وتجويز الظلم عليه في قسمه والجور في حكمه ، وإسقاط اتباع السنة المتواترة التي تخالف ما يظن أنه ظاهر القرآن ، كقطع السارق
[6] . من المنكب وأمثال ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في " المقالات "
[7] . : " أجمعت
[8] .
الخوارج على إكفار
[9] .
[ ص: 461 ] nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذ حكم "
[10] . ، وهم مختلفون هل كفره شرك أم لا ؟ " .
قال بعد الكلام السابق مباشرة 1 \ 157 : " وأجمعوا على أن كل كبيرة
[11] . كفر إلا النجدات فإنها لا تقول بذلك "
[12] . . وأجمعوا على أن الله يعذب أصحاب الكبائر عذابا دائما ، إلا النجدات أصحاب نجدة " .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28834المعتزلة باينوا جميع الطوائف
[13] . فيما اختصوا به من المنزلة بين المنزلتين ، وقولهم : إن أهل الكبائر يخلدون في النار وليسوا بمؤمنين ولا كفار ، فإن
[14] . هذا قولهم الذي سموا به معتزلة ، فمن وافقهم فيه بعد ذلك من
الزيدية فعنهم أخذوا .
بل الطوائف المنتسبون
[15] . إلى السنة والجماعة تباين كل طائفة
[16] . منهم سائر أهل السنة والجماعة فيما اختصت به ،
فالكلابية باينوا سائر الناس في قولهم
[17] . : إن الكلام معنى واحد ، أو معان متعددة
[18] . : أربعة أو
[ ص: 462 ] خمسة تقوم بذات المتكلم ، هو الأمر والنهي والخبر : إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا ، وإن عبر عنه بالعبرية
[19] . كان توراة ، فإن هذا لم يقله أحد من الطوائف غيرهم .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=33672الكرامية باينوا سائر
[20] . الطوائف في قولهم : إن الإيمان هو القول باللسان ، فمن أقر بلسانه كان مؤمنا ، وإن جحد بقلبه قالوا : وهو
[21] . مؤمن مخلد في النار ; فإن هذا لم يقله غيرهم .
بل طوائف أهل السنة والعلم لكل طائفة قول لا يوافقهم عليه بقية الطوائف ، فلكل واحد من
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد مسائل تفرد بها عن الأئمة الثلاثة كثيرة .
وإن أراد بذلك أنهم اختصوا بجميع أقوالهم ، فليس كذلك ، فإنهم في توحيدهم
[22] . موافقون
للمعتزلة ، وقدماؤهم كانوا مجسمة ، وكذلك في القدر هم موافقون
للمعتزلة ، فقدماؤهم
[23] . كان كثير منهم يثبت القدر ، وإنكار القدر في قدمائهم أشهر من إنكار الصفات . وخروج أهل الذنوب من النار ، وعفو الله - عز وجل
[24] . عن أهل الكبائر لهم فيه قولان . ومتأخروهم موافقون فيه الواقفية
[25] . الذين يقولون : لا ندري هل يدخل
[ ص: 463 ] النار أحد من أهل القبلة أم لا ؟ وهم طائفة من
الأشعرية . وإن قالوا : إنا
[26] . نجزم بأن كثيرا من أهل الكبائر يدخل النار ، فهذا
[27] . قول الجمهور من أهل السنة .
ففي الجملة لهم أقوال اختصوا بها ، وأقوال شاركهم غيرهم فيها ، كما أن
الخوارج والمعتزلة وغيرهم كذلك . وأما أهل الحديث والسنة والجماعة فقد اختصوا
[28] . باتباعهم الكتاب والسنة الثابتة عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - في الأصول والفروع ، وما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف
الخوارج والمعتزلة والروافض ومن وافقهم في بعض أقوالهم ، فإنهم لا يتبعون الأحاديث التي رواها الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي يعلم أهل الحديث صحتها .
فالمعتزلة يقولون : هذه أخبار آحاد . وأما
الرافضة فيطعنون في الصحابة ونقلهم ، وباطن أمرهم الطعن في الرسالة .
والخوارج يقول قائلهم : اعدل يا
محمد فإنك لم تعدل ، فيجوزون على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
[29] . يظلم . ولهذا قال : النبي - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 464 ] لأولهم
[30] . "
nindex.php?page=hadith&LINKID=653341ويلك من يعدل إذا لم أعدل ؟
[31] .
nindex.php?page=hadith&LINKID=658769لقد خبت وخسرت إن لم أعدل " .
[32] . . فهم جهال فارقوا السنة والجماعة عن
[33] . جهل .
وأما
الرافضة فأصل بدعتهم عن نفاق ، ولهذا فيهم من الزندقة ما ليس في
الخوارج . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري : في " المقالات "
[34] : " هذه حكاية
[35] . . أصحاب الحديث وأهل السنة . جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة "
[36] . : الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من
[37] . عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لا يردون من ذلك شيئا ، وأنه إله "
[38] . واحد فرد صمد ، لا إله غيره ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن
محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، وأن النار
[39] حق ، وأن الساعة
[ ص: 465 ] آتية
[40] . لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن الله على "
[41] . عرشه كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرحمن على العرش استوى ) [ سورة طه : 5 ] وأن له يدين بلا كيف كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خلقت بيدي \ 3 ) [ سورة ( ص ) : 57 ] وكما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بل يداه مبسوطتان ) [ سورة المائدة : 64 ] وساق الكلام إلى آخره .
فإن قال : أن مراده بالمباينة : أنهم يكفرون كل أهل دار غير دارهم
[42] . ، كما أفتى غير واحد من شيوخهم بأن الدار إذا كان الظاهر فيها مذهب النصب ، مثل المسح على الخفين ، وحل شرب الفقاع ، وتحريم المتعة : كانت دار كفر ، وحكم بنجاسة ما فيها من المائعات . وإن كان الظاهر مذهب الطائفة المحقة - يعني
الإمامية - حكم بطهارة
[43] . ما فيها من المائعات ، وإن كان كلا الأمرين ظاهرا كانت دار وقف [ فينظر ] : فمن
[44] . كان فيها من طائفتهم كان ما عنده من المائعات طاهرا ، ومن كان
[45] . من غيرهم حكم بنجاسة ما عنده من المائعات .
قيل
[46] . : هذا الوصف يشاركهم فيه
الخوارج ،
والخوارج في ذلك أقوى منهم ; فإن
الخوارج ترى السيف ، وحروبهم مع الجماعة مشهورة ، وعندهم كل دار غير دارهم فهي دار كفر . وقد نازع
[47] . بعضهم
[ ص: 466 ] في التكفير العام
[48] . ، كما نازع بعض
الإمامية في التكفير العام
[49] . ، وقد وافقوهم
[50] . في أصل التكفير .
وأما السيف فإن
الزيدية ترى السيف ،
والإمامية لا تراه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري [51] \ 123 :
nindex.php?page=treesubj&link=18292وأجمعت الروافض [52] . على إبطال الخروج وإنكار السيف ولو قتلت ، حتى يظهر لها الإمام ، وحتى يأمرها [53] . بذلك .
قلت : ولهذا لا يغزون الكفار ولا يقاتلون مع أئمة الجماعة ، إلا من يلتزم مذهبه منهم . فقد تبين أن المباينة والمشاركة في أصول العقائد قدر مشترك بين
الرافضة وغيرهم .
الْوَجْهُ السَّادِسُ : أَنْ يُقَالَ : هَذِهِ الْحُجَّةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا هَذَا
[1] .
الطُّوسِيُّ عَلَى أَنَّ
الْإِمَامِيَّةَ هُمُ
[2] . الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ كَذِبٌ فِي
[3] . وَصْفِهَا ، كَمَا هِيَ بَاطِلَةٌ فِي دِلَاتِهَا . وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28833قَوْلَهُ : " بَايِنُوا جَمِيعَ الْمَذَاهِبِ ، وَجَمِيعُ الْمَذَاهِبِ قَدِ اشْتَرَكَتْ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ " . إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ بَايَنُوا جَمِيعَ الْمَذَاهِبِ فِيمَا اخْتَصُّوا بِهِ ، فَهَذَا شَأْنُ جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28832الْخَوَارِجَ أَيْضًا بَايَنُوا جَمِيعَ الْمَذَاهِبِ فِيمَا اخْتَصُّوا بِهِ مِنَ التَّكْفِيرِ
[4] . بِالذُّنُوبِ ، وَمِنْ تَكْفِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ إِسْقَاطِ طَاعَةِ الرَّسُولِ فِيمَا [ لَمْ ]
[5] . يُخْبِرْ بِهِ عَنِ اللَّهِ ، وَتَجْوِيزِ الظُّلْمِ عَلَيْهِ فِي قَسْمِهِ وَالْجَوْرِ فِي حُكْمِهِ ، وَإِسْقَاطِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي تُخَالِفُ مَا يُظَنُّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ، كَقَطْعِ السَّارِقِ
[6] . مِنَ الْمَنْكِبِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ فِي " الْمَقَالَاتِ "
[7] . : " أَجْمَعَتِ
[8] .
الْخَوَارِجُ عَلَى إِكْفَارِ
[9] .
[ ص: 461 ] nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذْ حَكَّمَ "
[10] . ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ هَلْ كُفْرُهُ شِرْكٌ أَمْ لَا ؟ " .
قَالَ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً 1 \ 157 : " وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ كَبِيرَةٍ
[11] . كُفْرٌ إِلَّا النَّجَدَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَقُولُ بِذَلِكَ "
[12] . . وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ عَذَابًا دَائِمًا ، إِلَّا النَّجْدَاتِ أَصْحَابَ نَجْدَةَ " .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28834الْمُعْتَزِلَةُ بَايَنُوا جَمِيعَ الطَّوَائِفِ
[13] . فِيمَا اخْتَصُّوا بِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ ، وَقَوْلُهُمْ : إِنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ وَلَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ وَلَا كُفَّارٍ ، فَإِنَّ
[14] . هَذَا قَوْلُهُمُ الَّذِي سُمُّوا بِهِ مُعْتَزِلَةً ، فَمَنْ وَافَقَهُمْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ
الزَّيْدِيَّةِ فَعَنْهُمْ أَخَذُوا .
بَلِ الطَّوَائِفُ الْمُنْتَسِبُونَ
[15] . إِلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ تُبَايِنُ كُلُّ طَائِفَةٍ
[16] . مِنْهُمْ سَائِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيمَا اخْتَصَّتْ بِهِ ،
فَالْكِلَابِيَّةُ بَايَنُوا سَائِرَ النَّاسِ فِي قَوْلِهِمْ
[17] . : إِنَّ الْكَلَامَ مَعْنًى وَاحِدٌ ، أَوْ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٌ
[18] . : أَرْبَعَةٌ أَوْ
[ ص: 462 ] خَمْسَةٌ تَقُومُ بِذَاتِ الْمُتَكَلِّمِ ، هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ : إِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا ، وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ
[19] . كَانَ تَوْرَاةً ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الطَّوَائِفِ غَيْرُهُمْ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=33672الْكَرَّامِيَّةُ بَايَنُوا سَائِرَ
[20] . الطَّوَائِفِ فِي قَوْلِهِمْ : إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْقَوْلُ بِاللِّسَانِ ، فَمَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَإِنْ جَحَدَ بِقَلْبِهِ قَالُوا : وَهُوَ
[21] . مُؤْمِنٌ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ ; فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُمْ .
بَلْ طَوَائِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْعِلْمِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ قَوْلٌ لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الطَّوَائِفِ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ مَسَائِلُ تَفَرَّدَ بِهَا عَنِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَثِيرَةٌ .
وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمُ اخْتَصُّوا بِجَمِيعِ أَقْوَالِهِمْ ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّهُمْ فِي تَوْحِيدِهِمْ
[22] . مُوَافِقُونَ
لِلْمُعْتَزِلَةِ ، وَقُدَمَاؤُهُمْ كَانُوا مُجَسِّمَةً ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَدَرِ هُمْ مُوَافِقُونَ
لِلْمُعْتَزِلَةِ ، فَقُدَمَاؤُهُمْ
[23] . كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُثْبِتُ الْقَدَرَ ، وَإِنْكَارُ الْقَدَرِ فِي قُدَمَائِهِمْ أَشْهَرُ مِنْ إِنْكَارِ الصِّفَاتِ . وَخُرُوجُ أَهْلِ الذُّنُوبِ مِنَ النَّارِ ، وَعَفْوُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ
[24] . عَنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ لَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ . وَمُتَأَخِّرُوهُمْ مُوَافِقُونَ فِيهِ الْوَاقِفِيَّةَ
[25] . الَّذِينَ يَقُولُونَ : لَا نَدْرِي هَلْ يَدْخُلُ
[ ص: 463 ] النَّارَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَمْ لَا ؟ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ
الْأَشْعَرِيَّةِ . وَإِنْ قَالُوا : إِنَّا
[26] . نَجْزِمُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ يَدْخُلُ النَّارَ ، فَهَذَا
[27] . قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ .
فَفِي الْجُمْلَةِ لَهُمْ أَقْوَالٌ اخْتَصُّوا بِهَا ، وَأَقْوَالٌ شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا ، كَمَا أَنَّ
الْخَوَارِجَ وَالْمُعْتَزِلَةَ وَغَيْرَهُمْ كَذَلِكَ . وَأَمَّا أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَقَدِ اخْتَصُّوا
[28] . بِاتِّبَاعِهِمُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ
الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّوَافِضِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَاهَا الثِّقَاتُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي يَعْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ صِحَّتَهَا .
فَالْمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ : هَذِهِ أَخْبَارُ آحَادٍ . وَأَمَّا
الرَّافِضَةُ فَيَطْعَنُونَ فِي الصَّحَابَةِ وَنَقْلِهِمْ ، وَبَاطِنُ أَمْرِهِمُ الطَّعْنُ فِي الرِّسَالَةِ .
وَالْخَوَارِجُ يَقُولُ قَائِلُهُمْ : اعْدِلْ يَا
مُحَمَّدُ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ ، فَيُجَوِّزُونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ
[29] . يَظْلِمُ . وَلِهَذَا قَالَ : النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[ ص: 464 ] لِأَوَّلِهِمْ
[30] . "
nindex.php?page=hadith&LINKID=653341وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟
[31] .
nindex.php?page=hadith&LINKID=658769لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ " .
[32] . . فَهُمْ جُهَّالٌ فَارَقُوا السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ عَنْ
[33] . جَهْلٍ .
وَأَمَّا
الرَّافِضَةُ فَأَصْلُ بِدْعَتِهِمْ عَنْ نِفَاقٍ ، وَلِهَذَا فِيهِمْ مِنَ الزَّنْدَقَةِ مَا لَيْسَ فِي
الْخَوَارِجِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ : فِي " الْمَقَالَاتِ "
[34] : " هَذِهِ حِكَايَةُ
[35] . . أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ . جُمْلَةُ مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ السُّنَّةِ "
[36] . : الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ
[37] . عِنْدِ اللَّهِ وَمَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَا يَرُدُّونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، وَأَنَّهُ إِلَهٌ "
[38] . وَاحِدٌ فَرْدٌ صَمَدٌ ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَأَنَّ النَّارَ
[39] حَقٌّ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ
[ ص: 465 ] آتِيَةٌ
[40] . لَا رَيْبَ فِيهَا ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وَأَنَّ اللَّهَ عَلَى "
[41] . عَرْشِهِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) [ سُورَةُ طه : 5 ] وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِلَا كَيْفٍ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خَلَقْتُ بِيَدَيَّ \ 3 ) [ سُورَةُ ( ص ) : 57 ] وَكَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 64 ] وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى آخِرِهِ .
فَإِنْ قَالَ : أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُبَايَنَةِ : أَنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ كُلَّ أَهْلِ دَارٍ غَيْرِ دَارِهِمْ
[42] . ، كَمَا أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِهِمْ بِأَنَّ الدَّارَ إِذَا كَانَ الظَّاهِرُ فِيهَا مَذْهَبَ النَّصْبِ ، مِثْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَحِلِّ شُرْبِ الْفُقَّاعِ ، وَتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ : كَانَتْ دَارَ كُفْرٍ ، وَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَائِعَاتِ . وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مَذْهَبَ الطَّائِفَةِ الْمُحِقَّةِ - يَعْنِي
الْإِمَامِيَّةَ - حُكِمَ بِطَهَارَةِ
[43] . مَا فِيهَا مِنَ الْمَائِعَاتِ ، وَإِنْ كَانَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ ظَاهِرًا كَانَتْ دَارَ وَقْفٍ [ فَيُنْظَرُ ] : فَمَنْ
[44] . كَانَ فِيهَا مِنْ طَائِفَتِهِمْ كَانَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَائِعَاتِ طَاهِرًا ، وَمَنْ كَانَ
[45] . مِنْ غَيْرِهِمْ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَائِعَاتِ .
قِيلَ
[46] . : هَذَا الْوَصْفُ يُشَارِكُهُمْ فِيهِ
الْخَوَارِجُ ،
وَالْخَوَارِجُ فِي ذَلِكَ أَقْوَى مِنْهُمْ ; فَإِنَّ
الْخَوَارِجَ تَرَى السَّيْفَ ، وَحُرُوبُهُمْ مَعَ الْجَمَاعَةِ مَشْهُورَةٌ ، وَعِنْدَهُمْ كُلُّ دَارٍ غَيْرُ دَارِهِمْ فَهِيَ دَارُ كُفْرٍ . وَقَدْ نَازَعَ
[47] . بَعْضُهُمْ
[ ص: 466 ] فِي التَّكْفِيرِ الْعَامِّ
[48] . ، كَمَا نَازَعَ بَعْضُ
الْإِمَامِيَّةِ فِي التَّكْفِيرِ الْعَامِّ
[49] . ، وَقَدْ وَافَقُوهُمْ
[50] . فِي أَصْلِ التَّكْفِيرِ .
وَأَمَّا السَّيْفُ فَإِنَّ
الزَّيْدِيَّةَ تَرَى السَّيْفَ ،
وَالْإِمَامِيَّةَ لَا تَرَاهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ [51] \ 123 :
nindex.php?page=treesubj&link=18292وَأَجْمَعَتِ الرَّوَافِضُ [52] . عَلَى إِبْطَالِ الْخُرُوجِ وَإِنْكَارِ السَّيْفِ وَلَوْ قُتِلَتْ ، حَتَّى يَظْهَرَ لَهَا الْإِمَامُ ، وَحَتَّى يَأْمُرَهَا [53] . بِذَلِكَ .
قُلْتُ : وَلِهَذَا لَا يَغْزُونَ الْكُفَّارَ وَلَا يُقَاتِلُونَ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَمَاعَةِ ، إِلَّا مَنْ يَلْتَزِمُ مَذْهَبَهُ مِنْهُمْ . فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُبَايَنَةَ وَالْمُشَارَكَةَ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ
الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ .